أي: الله وأعاد الضمير في قوله تعالى له على الله الاسم الأعظم العلم الجامع لجميع الأسماء الحسنى. ﴿ما في السموات والأرض﴾ أي: ما تعبدونه وغيره فكيف يتصوّر أن يكون شيء من ذلك إلهاً، وهو ملكه مع كونه محتاجاً إلى الزمان والمكان وغيرهما. ﴿وله الدين﴾ أي: الطاعة وقوله تعالى: ﴿واصباً﴾ أي: دائماً حال من الدين والعامل فيه ما في الظرف من معنى الفعل. قال ابن قتيبة: ليس من أحد يدان له ويطاع إلا انقطع ذلك لسبب في حال الحياة أو بالموت إلا الحق سبحانه وتعالى فإطاعته واجبة أبداً، ولأنه المنعم على عباده المالك لهم فكانت طاعته واجبة دائماً أبداً. وقوله تعالى: ﴿أفغير الله﴾ أي: الذي له العظمة كلها ﴿تتقون﴾ استفهام إنكار والمعنى: أنكم بعدما عرفتم أنّ إله العالم واحد وعرفتم أنّ كل ما سواه محتاج إليه في وقت دوامه وبقائه فبعد العلم بذلك كيف يعقل أن يكون للإنسان رغبة في غير الله تعالى أو رهبة من غير الله تعالى ولما بيّن تعالى أنّ الواجب على العاقل أن لا يتقي غير الله بيّن أنه يجب عليه أن لا يشكر أحداً إلا الله تعالى بقوله تعالى: ﴿وما بكم من نعمة﴾ أي: من نعمة الإسلام وصحة الأبدان وسعة في الأرزاق وكل ما أعطاكم من مال أو ولد أو جاه ﴿فمن الله﴾ هو المتفضل على عباده فيجب عليكم شكره على جميع إنعامه لأنّ الشكر إنما يجب على النعمة، فثبت بهذا أنّ العاقل يجب عليه أن لا يخاف، وأن لا يشكر إلا الله تعالى. تنبيه: احتج أصحابنا بهذه الآية على أنّ الإيمان حصل بخلق الله فقالوا: الإيمان نعمة وكل نعمة فمن الله ينتج أنّ الإيمان من الله وأيضاً النعمة عبارة عن كل ما يكون منتفعاً به وأعظم الأشياء في النفع هو الإيمان فثبت أنّ الإيمان نعمة والمسلمون مطبقون على قولهم الحمد لله على نعمة الإيمان والنعم إمّا دينية وإمّا دنيوية. أمّا النعم الدينية فهي إمّا معرفة الحق لذاته وإمّا معرفة الخير لأجل العمل به. والنعم الدنيوية إمّا
(٤/٦٢)