وفي حق سائر الحيوانات خاص. قال الزجاج: يجوز أن يقال سمي هذا الحيوان نحلاً لأنّ الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها. وقال غيره: النحل يذكر ويؤنث وهي مؤنثة في لغة الحجاز، ولذلك أنثها الله تعالى وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء. ﴿و﴾ اتخذي ﴿من الشجر﴾ أي: الصالحة بيوتاً ﴿و﴾ اتخذي ﴿مما يعرشون﴾ أي: الناس فيبنون تلك الأماكن وذلك أنّ النحل منه وحشي وهو الذي يسكن الجبال والشجر والكهوف، ومنه أهليّ وهو الذي يأوي إلى البيوت وتربيه الناس عندهم وقد جرت العادة أنّ الناس يبنون للنحل الأماكن حتى يأوي إليها وذكر ذلك بحرف التبعيض لأنها لا تبنى في كل جبل وكل شجر وكل ما يعرش من الكرم أو سقف ولا في كل مكان منها. وقرأ ابن عامر وشعبة بضم الراء والباقون بكسرها.
تنبيه: ظاهر قوله تعالى: ﴿اتخذي﴾ أمر، وقد اختلفوا فيه فمن الناس من يقول: لا بُعد أن يكون لهذه الحيوانات عقول ولا بدع أن يتوجه عليها من الله أمر ونهي. وقال آخرون: بل المراد منه أنه تعالى خلق فيها غرائز وطبائع توجب هذه الأحوال، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله في سورة النمل، عند قوله تعالى: ﴿يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم﴾. (النمل، ١٨)
ولما كان أهم شيء للحيوانات بعد الراحة من همّ المقيل أكل شيء، ثنى به فقال:
(٤/٧٩)


الصفحة التالية
Icon