﴿ويعبدون من دون الله﴾ أي: غيره ﴿ما لا يملك لهم رزقاً﴾ أي: تاركين عبادة من بيده جميع الأرزاق وهو ذو العلو المطلق الذي رزقهم من الطيبات ويعبدون غيره، ثم بين تعالى جهة الرزق بقوله تعالى: ﴿من السموات والأرض﴾ أمّا الرزق الذي يأتي من جانب السماء فالمطر، وأمّا الذي من جانب الأرض فالنبات والثمار التي تخرج منها، وقوله تعالى: ﴿شيئاً﴾ فيه ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه منصوب على المصدر، أي: لا يملك لهم ملكاً، أي: شيئاً من الملك. والثاني: أنه بدل من رزقاً، أي: لا يملك لهم شيئاً. قال ابن عادل: وهذا غير مفيد إذ من المعلوم أنّ الرزق شيء من الأشياء ويؤيد ذلك أنّ البدل لا يأتي إلا لأحد معنيين البيان أو التأكيد، وهذا ليس فيه بيان لأنه أعمّ ولا تأكيد. الثالث: أنه منصوب على أنه اسم مصدر واسم المصدر يعمل عمل المصدر على خلاف في ذلك. ولما كان من لا يملك شيئاً قد يكون موصوفاً باستطاعة أن يتملك بطريق من الطرق نفى الله تعالى عنهم ذلك بقوله تعالى: ﴿ولا يستطيعون﴾ أي: وليس لهم نوع استطاعة أصلاً. فإن قيل: إنه تعالى قال: ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يملك﴾ فعبر عن الأصنام بصيغة ما وهي لغير العاقل ثم جمع بالواو والنون. وقال: ﴿ولا يستطيعون﴾ وهو مختص بمن يعقل؟ أجيب: بأنه عبر عنها ثانياً اعتباراً باعتقادهم أنها آلهة.
(٤/٩٠)


الصفحة التالية
Icon