﴿ألم يروا إلى الطير مسخرات﴾ أي: مذللات للطيران ﴿في جوّ السماء﴾ أي: في الهواء بين الخافقين مما لا يقدرون عليه بوجه من الوجوه مع مشاركتكم لها في السمع والبصر وزيادتكم عليها بالعقول فعلم قطعاً أنه تعالى خلق الطير خلقة معها يمكنه الطيران فيها وإلا لما أمكن ذلك لأنه تعالى أعطى الطير جناحاً يبسطه مرة ويكسره مرّة أخرى مثل ما يعمل السابح في الماء، وخلق الجوّ خلقة لطيفة رقيقة يسهل خرقه والنفاذ فيه، ولولا ذلك لما كان الطيران ممكناً ومع ذلك ﴿ما يمسكهنّ﴾ في الجوّ عن الوقوع ﴿إلا الله﴾ أي: الملك الأعظم فإنّ جسد الطير جسم ثقيل، والجسم الثقيل يمتنع بقاؤه في الجوّ معلقاً من غير دعامة تحته ولا علاقة فوقه فوجب أن يكون الممسك له في ذلك الجوّ هو الله تعالى. وقرأ ابن عامر وحمزة بالتاء على أنه خطاب العامّة والباقون بالياء على الغيبة ﴿إنّ في ذلك﴾ المذكور ﴿لآيات﴾ أي: دلالات ﴿لقوم يؤمنون﴾ وخصهم بذلك لأنهم هم المنتفعون بها وإن كانت هذه الآيات آيات لكل العقلاء.
(٤/٩٨)


الصفحة التالية
Icon