وقد رضي رسول الله ﷺ لأمّته اتباع أصحابه والاقتداء بآثارهم وقد اجتهدوا وقاسوا ووطؤوا طرق القياس والاجتهاد فكانت السنة والإجماع والقياس والاجتهاد مسندة إلى تبيان الكتاب فمن ثم كان تبياناً لكل شيء ﴿وهدى﴾ أي: من الضلالة ﴿ورحمة﴾ لمن آمن به وصدّقه ﴿وبشرى﴾ بالجنة ﴿للمسلمين﴾ أي: الموحدين خاصة ولما استقصى سبحانه وتعالى في شرح الوعد والوعيد والرغبة والترهيب أتبعه بقوله:
(٤/١٠٧)
﴿إنّ الله﴾ أي: الملك المستجمع لصفات الكمال ﴿يأمر بالعدل﴾ قال ابن عباس: في بعض الروايات العدل شهادة أن لا إله إلا الله ﴿والإحسان﴾ أداء الفرائض، وقال في رواية أخرى: العدل خلع الأنداد والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وأن تحبّ للناس ما تحبّ لنفسك فإن كان مؤمناً أحببت له أن يزداد إيماناً وإن كان كافراً أحببت له أن يكون أخاك في الإسلام، وقال في رواية ثالثة: العدل هو التوحيد والإحسان هو الإخلاص فيه وقال آخرون: يعني بالعدل في الأفعال والإحسان في الأقوال فلا تفعل إلا ما هو عدل ولا تقل إلا ما هو إحسان وأصل العدل المساواة في كل شيء من غير زيادة ولا نقصان فالعدل هو المساواة في المكافأة إن خيراً فخير وإن شراً فشر والإحسان أن تقابل الخير بأكثر منه والشرّ بأن تعفو عنه، وعن الشعبي قال عيسى بن مريم: إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك. وقيل: العدل الإنصاف، والإنصاف أعدل من الاعتراف للمنعم بإنعامه، والإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، وعن محمد بن كعب القرظي قال: دعاني عمر بن عبد العزيز فقال: صف لي العدل؟ فقلت: بخ سألت عن أمر جسيم كن لصغير الناس أبا ولكبيرهم ابناً وللمثل منهم أخاً وللنساء كذلك. ﴿وإيتاء﴾ أي: ومن الإحسان إيتاء ﴿ذي القربى﴾ أي: القرابة القربى والبعدى فيندب أن تصلهم من فضل ما رزقك الله فإن لم يكن لك فضل فدعاء حسن وتودّد. وروى أبو سلمة عن أبيه أنّ رسول الله