وعن قتادة: ليس من خلق حسن كان من أهل الجاهلية يعملون به ويعظونه ويخشونه إلا أمر الله تعالى به وليس من خلق سيء كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه. وعن عكرمة أنّ النبيّ ﷺ قرأ على الوليد بن المغيرة ﴿إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان﴾ إلى آخر الآية. فقال له: يا ابن أخي أعد عليّ فأعادها عليه؟ فقال الوليد: والله إنّ له لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة وإنّ أعلاه لمثمر وإنّ أسفله لمغدق، وما هو بقول البشر، ولما تقرّرت هذه الجمل التي جمعت بجمعها المأمورات والمنهيات ما تضيق عنه الدفاتر والصدور، وشهد لها المعاندون من بلغاء العرب أنها بلغت من البلاغة مبلغاً يحصل به غاية السرور. ذكر بعض تلك الأقسام وبدأ بما هو مع جمعه أهمّ وهو الوفاء بالعهد بقوله تعالى: ﴿وأوفوا﴾ أي: أوقعوا الوفاء الذي لا وفاء في الحقيقة غيره ﴿بعهد الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي عاهدكم عليه بأدلة العقل من التوحيد والبيع والإيمان وغيرها من أصول الدين وفروعه ﴿إذا عاهدتم﴾ بتقلبكم له بإذعانكم لامتثاله ﴿ولا تنقضوا الأيمان﴾ واحترز عن لغو اليمين بقوله تعالى: ﴿بعد توكيدها﴾ أي: تشديدها فتحنثوا فيها، وفي ذلك دليل على أن المراد بالعهد غير اليمين لأنه أعم منه. وقرأ أبو عمرو بادغام الدال في التاء بخلاف عنه. ﴿و﴾ الحال أنكم ﴿قد جعلتم الله﴾ أي: الذي له العظمة كلها ﴿عليكم كفيلاً﴾ أي: شاهداً ورقيباً. وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار دال قد عند الجيم والباقون بالادغام. وعن جابر رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في بيعة النبيّ ﷺ كان من أسلم بايع على الإسلام فقال تعالى: ﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها﴾ فلا تحملنكم قلة محمد وأصحابه وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام. ﴿إنّ الله﴾ أي: الذي له الإحاطة الكاملة ﴿يعلم ما تفعلون﴾ من وفاء العهد ونقضه. ثم ضرب الله تعالى


الصفحة التالية
Icon