فائدة: في حكم أهل الفترتين بين نوح وإدريس وبين عيسى ومحمد ﷺ وهم ثلاثة عشر قسماً؛ ستة سعداء وأربعة أشقياء وثلاثة تحت المشيئة، فأمّا السعداء فقسم وحّد الله تعالى بنور وجده في قلبه كقس بن ساعدة فإنه كان يقول إذا سئل هل لهذا العالم إله؟ قال: البعرة تدل على البعير وأثر الأقدام يدل على المسير. وقسم وحد الله تعالى بما تجلى لقلبه من النور الذي لا يقدر على دفعه، وقسم ألقى في نفسه واطلع من كشفه على منزلة محمد ﷺ فآمن من به في عالم الغيب، وقسم اتبع ملة حق ممن تقدمة، وقسم طالع في كتب الأنبياء فعرف شرف محمد ﷺ فآمن به وقسم آمن بنبيه الذي أرسل إليه وأدرك رسالة محمد ﷺ وآمن به فله أجران. وأما الأشقياء فقسم عطل لا عن نظر بل عن تقليد، وقسم عطل بعدما أثبت لا عن استقصاء بنظر، وقسم أشرك عن تقليد محض، وقسم علم الحق وعانده، وأما الذي تحت المشيئة فقسم عطل فلم يقر بوجوده عن نظر قاصر لضعف في مزاجه، وقسم أشرك عن نظر أخطأ فيه، وقسم عطل بعدما أثبت لا عن نظر بلغ فيه أقصى القوّة هكذا قسم محيي الدين بن عربي في الباب العاشر من الفتوحات المكية نقل ذلك عن شيخ وقته الشيخ عبد الوهاب الشعراني، ونقل عن السيوطي أنّ أبوي النبيّ ﷺ لم تبلغهما الدعوة والله تعالى يقول: ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً﴾ وحكم من لم تبلغه الدعوة أنه يموت ناجياً ولا يعذب ويدخل الجنة. قال: وهذا مذهب لا خلاف فيه بين المحققين من أئمتنا الشافعية في الفقه والأشاعرة في الأصول، ونص على ذلك الإمام الشافعيّ رضي الله عنه، وتبعه على ذلك الأصحاب، قال السيوطي: وقد ورد في الحديث أن الله تعالى أحيا أبويه حتى آمنا به، وعلى ذلك جماعة من الحفاظ منهم الخطيب البغدادي وأبو القاسم بن عساكر وأبو حفص بن شاهين والسهيلي والقرطبي والطبري وابن المنير وابن سيد الناس وابن ناصر الدين