. تنبيه: كيفَ: نصب إمّا على التشبيه بالظرف وإما على الحال وهي معلقة لانظر بمعنى فكر أو أبصر. ولما نبه تعالى على أن ما نراه من التفضيل إنما هو بمحض قدرته أخبر أنّ ما بعد الموت كذلك بقوله تعالى: ﴿وللآخرة أكبر﴾ أي: أعظم ﴿درجاتٍ وأكبر تفضيلاً﴾ من درجات الدنيا ومن تفضيلها فإنّ نسبة التفاضل في درجات الآخرة إلى التفاضل في درجات الدنيا كنسبة الآخرة إلى الدنيا فإن كان الإنسان تشتدّ رغبته في طلب فضيلة الدنيا فبأن تقوى رغبته في طلب الآخرة أحرى لأنها دار المقامة. روي أنّ قوماً من الأشراف فمن دونهم اجتمعوا بباب عمر رضي الله تعالى عنه فخرج الأذن لبلال وصهيب فشق على أبي سفيان فقال سهيل بن عمرو: إنما أوتينا من قبلنا أنهم دعوا ودعينا يعني إلى الإسلام فأسرعوا وأبطأنا وهذا باب عمر فكيف التفاوت في الآخرة. ولما بيّن تعالى أنّ الناس فريقان منهم من يريد بعمله الدنيا فقط وهم أهل العذاب ومنهم من يريد طاعة الله وهم أهل الثواب، ثم شرط في ذلك ثلاثة شروط فصل تلك المجملات وبدأ أولاً بشرح حقيقة الإيمان وأشرف أجزاء الإيمان هو التوحيد ونفي الشريك والأضداد بقوله تعالى:
(٤/١٩٣)
﴿لا تجعل مع الله﴾ أي: الذي له جميع صفات الكمال ﴿إلها آخر﴾ قيل الخطاب مع النبيّ ﷺ والمراد غيره، والأولى أنه للإنسان فيكون خطاباً عامّاً لكل من يصلح أن يخاطب به. ﴿فتقعد﴾ أي: فيتسبب عن ذلك أن تقعد أي: تصير في الدنيا قبل الآخرة ﴿مذموماً مخذولاً﴾ لأنّ المشرك كاذب والكاذب يستوجب الذمّ والخذلان ولأنه قد ثبت بالدليل أنه لا إله ولا مدبر إلا الله تعالى فحينئذ تكون جميع النعم حاصلة من الله تعالى فمن أشرك بالله فقد أضاف بعض تلك النعم إلى غير الله فاستحق الذمّ والخذلان. تنبيه: قال الواحدي: قوله تعالى: ﴿فتقعد﴾ ()


الصفحة التالية
Icon