﴿ربكم﴾ أي: المحسن إليكم في الحقيقة فإنه هو الذي عطف عليكم من يربيكم وهو الذي أعانهم على ذلك ﴿أعلم﴾ أي: من كل أحد ﴿بما في نفوسكم﴾ من قصد البرّ بهما وغيره، فلا يظهر أحدكم غير ما يبطن فإنّ ذلك لا ينفعه ولا ينجيه إلا أن يحمل نفسه على ما يكون سبباً لرحمتهما ﴿إن تكونوا صالحين﴾ أي: متقين محسنين في نفس الأمر والصلاح استقامة الفعل على ما يدعو الدليل إليه. وأشار تعالى إلى أنه لا يكون ذلك إلا بمعالجة النفس وترجيعها كرة بعد كرّة بقوله تعالى: ﴿فإنه كان للأوابين﴾ أي: الرجاعين إلى الخير مرّة إثر مرّة بعد جماح أنفسهم عنه ﴿غفوراً﴾ أي: بالغ الستر بمن وقع منه تقصير فرجع عنه فإنه مغفور له. ولما حث تعالى على الإحسان للوالدين بالخصوص عمّ بالأمر بالإحسان لكل ذي قرابة ورَحِمٍ وغيره بقوله تعالى:
(٤/٢٠٥)
﴿وآت ذا القربى﴾ من جهة الأب والأمّ وإن بعد ﴿حقه﴾ والخطاب لكل أحد أن يؤتي أقاربه حقوقهم من صلة الرحم والمودّة والزيارة وحسن المعاشرة والمعاضدة ونحو ذلك. وقيل إن كانوا محتاجين ومحاويج وهو موسر لزمه الإنفاق عليهم عند الإمام أبي حنيفة وقال الشافعيّ: لا يلزم إلا نفقة الوالد على ولده والولد على والده فقط، وقيل المراد بالقرابة قرابة رسول الله ﷺ ﴿و﴾ آت ﴿المسكين﴾ حقه وإن لم يكن قريباً ﴿و﴾ آت ﴿ابن السبيل﴾ وهو المسافر المنقطع عن ماله ليكون متقياً محسناً.