﴿ولا تقف﴾ أي: لا تتبع أيها الإنسان ﴿ما ليس لك به علم﴾ من قول أو فعل وحاصله يرجع إلى النهي عن الحكم بما لا يكون معلوماً وهو قضية كلية يندرج تحتها أنواع كثيرة، واختلف المفسرون فيها فقال ابن عباس: لا تشهد إلا بما رأته عيناك وسمعته أذناك ووعاه قلبك. وقال قتادة: لا تقل سمعت ولم تسمع ورأيت ولم تر وعلمت ولم تعلم. وقيل المراد النهي عن القذف، وقيل المراد النهي عن الكذب. وقيل المراد نهي المشركين عن اعتقاداتهم وتقليد أسلافهم لأنّ الله تعالى نسبهم في تلك العقائد إلى اتباع الهوى فقال تعالى: ﴿إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظنّ وما تهوى الأنفس﴾ (النجم، ٢٣)
. وقيل القفو هو البهت وأصله من القفا كأنه يقال خلفه وهو في معنى الغيبة. قال ﷺ «من قفا مؤمناً بما ليس فيه حبسه الله تعالى في ردغة الخبال» وراه الطبراني وغيره وردغة بسكون الدال وفتحها عصارة أهل النار. وقال الكميت:
*ولا أرمي البريء بغير ذنب
... ولا اقفو الحواصن إن قفينا
ببناء قفينا للمفعول والحواصن النساء العفائف واللفظ عام يتناول الكل فلا معنى للتقييد. تنبيه: يقال قفوت أثر فلان أقفوا إذا اتبعت أثره، وسميت قافية الشعر قافية لأنّ البيت يقفو البيت وسميت القبيلة المشهورة بالقافة لأنهم يتبعون آثار أقفاء الناس أو آثار أقدامهم ويستدلون بها على أحوال الناس. وقال تعالى: ﴿ثم قفينا على آثارهم برسلنا﴾ (الحديد، ٢٧)
(٤/٢١٧)