تنبيه: الذين أثبتوا لله ولداً ثلاث طوائف الأولى: كفار العرب الذين قالوا الملائكة بنات الله. الثانية: النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله. الثالثة: اليهود الذين قالوا عزير ابن الله. ثم إنه تعالى أنكر على القائلين ذلك من وجهين الأوّل: قوله تعالى: ﴿ما لهم به﴾، أي: القول. ﴿من علم﴾، أي: أصلاً لأنه مما لا يمكن أن يتعلق العلم به لأنه لا وجود له ولا يمكن وجوده، ثم قرّر تعالى هذا المعنى وأكده بقوله: ﴿ولا لآبائهم﴾ الذين يغتبطون بتقليدهم في الدين حتى في هذا الذي لا يتخيله عاقل ولو أخطؤوا في تصرف دنيوي لم يتبعوهم فيه. فإن قيل: اتخاذ الله ولداً محال في نفسه فكيف قيل ما لهم به من علم؟ أجيب: بأن انتفاء العلم بالشيء قد يكن للجهل بالطريق الموصل إليه وقد لا يكون لأنه في نفسه محال لا يمكن تعلق العلم به، ونظيره قوله تعالى: ﴿ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به﴾ (المؤمنين، ١١٧). الوجه الثاني: ﴿كبرت﴾، أي: مقالتهم ﴿كلمة﴾، أي: ما أكبرها من كلمة وصور فظاظة اجترائهم على النطق بهابقوله تعالى: ﴿تخرج من أفواههم﴾، أي: لم يكفهم خطورها في أنفسهم وتردّدها في صدورهم حتى تلفظوا بها وكان صدورهم بها على وجه التكرير كما يشير إليه التعبير بالمضارع. تنبيه: سميت هذه كلمة كما يسمون القصيدة كلمة. ثم بين تعالى ما أفهمه الكلام من أنه كما أنهم لا علم لهم بذلك لا علم لأحد به أصلاً لأنه لا وجود له فقال تعالى:﴿إن﴾، أي: ما ﴿يقولون إلا كذباً﴾، أي: قولاً لا حقيقة له بوجه من الوجوه. ولما كان ﷺ شديد الحرص على إيمان قومه شفقة عليهم وغيرة على المقام الإلهي الذي ملأ قلبه تعظيماً خفض عليه سبحانه وتعالى بقوله تعالى:
(٥/٥)