﴿وإني خفت الموالي﴾ أي: الذين يلوني في النسب كبني العم أن يسيئوا الخلافة ﴿من ورائي﴾ أي: في بعض الزمان الذي بعدي ﴿وكانت امرأتي عاقراً﴾ لا تلد أصلاً بما دل عليه فعل الكون ﴿فهب لي﴾ أي: فتسبب عن شيخوختي وضعفي وتعويدك لي بالإجابة وخوفي من سوء خلافة أقاربي ويأسي عن الولد عادة بعقم امرأتي وبلوغي من الكبر حدّاً لا حراك بي معه أني أقول لك: يا قادر على كل شيء هب لي ﴿من لدنك﴾ أي: من الأمور المستبطنة المستغربة التي عندك لم تجرها على مناهج العادات والأسباب المطردات ﴿ولياً﴾ أي: ابناً من صلبي
﴿يرثني﴾ في جميع ما أنا فيه من العلم والنبوّة والعمل ﴿ويرث﴾ زيادة على ذلك ﴿من آل يعقوب﴾ جزءاً مما خصصتهم به من المنح وفضلتهم به من النعم ومحاسن الأخلاق ومعالي الشيم فإن الأنبياء لا يورثون المال، وقيل: يرثني الحبورة أي: العلم بتحبير الكلام وتحسينه فإنه كان حبراً هو بالفتح والكسر وهو أفصح، يقال: للعالم بتحبير الكلام وتحسينه وهو يعقوب بن إسحاق عليهما السلام.
وقيل: يرثني العلم ويرث من آل يعقوب النبوّة ولفظ الإرث يستعمل في المال وفي العلم والنبوّة، أما في المال فلقوله تعالى: ﴿وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم﴾ (الأحزاب، ٢٧)، وأما في النبوة فلقوله تعالى: ﴿وأورثنا بني إسرائيل الكتاب﴾ (غافر، ٥٣)
(٥/١٥٢)
الآية، وقال ﷺ «العلماء ورثة الأنبياء» ولأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما يورثون العلم وخص اسم يعقوب اقتداء به نفسه إذ قال ليوسف عليه السلام :﴿ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب﴾ (يوسف، ٦)


الصفحة التالية
Icon