﴿واذكر في الكتاب﴾ أي: الذي لا كتاب مثله في الكمال ﴿موسى﴾ أي: الذي أنقذ الله به بني إسرائيل من العبودية ثم إنّ الله تعالى وصفه بأمور أحدها قوله تعالى: ﴿إنه كان مخلصاً﴾ قرأه عاصم وحمزة والكسائي بفتح اللام أي: مختاراً اختاره الله تعالى واصطفاه وقيل أخلصه الله تعالى من الدنس والباقون بالكسر أي: أخلص التوحيد لله والعبادة ومتى ورد القرآن بقراءتين فكل منهما ثابت مقطوع به فجعل الله تعالى من صفة موسى عليه السلام كلا الأمرين. ثانيها: قوله تعالى: ﴿وكان رسولاً﴾ إلى بني إسرائيل والقبط ﴿نبياً﴾ ينبئه الله بما يريد من وحيه لينبئ به المرسل إليهم فيرتفع بذلك قدره فلذلك صرح بها بعد دخولها في الرسالة ضمناً إذ كل رسول نبيّ وليس كل نبيّ رسولاً خلافاً للمعتزلة فإنهم زعموا كونهما متلازمين فكل رسول نبيّ وكل نبيّ رسول وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى في سورة الحج عند قوله: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ﴾ (الحج، ٥٢)
ثالثها: قوله تعالى:
﴿وناديناه﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿من جانب الطور﴾ هو اسم جبل ﴿الأيمن﴾ أي: الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين فأنبأناه هناك حين كان متوجهاً إلى مصر بأنه رسولنا ثم واعدناه إليه بعد إغراق آل فرعون فكان لبني إسرائيل به من العجائب في رحمتهم بإنزال الكتاب والإلذاذ بالخطاب من جوف السحاب وفي إماتتهم لما طلبوا الرؤية ثم إحيائهم وغير ذلك ما يجل عن الوصف. رابعها: قوله تعالى ﴿وقرّبناه﴾ بما لنا من العظمة تقريب تشريف حالة كونه ﴿نجياً﴾ نخبره من أمرنا بلا واسطة من النجوى وهي السر والكلام بين اثنين كالسر وقيل قرب مكان أي: مكانا عالياً، عن أبي العالية أنه قرب حتى سمع صرير القلم حيث يكتب التوراة في الألواح وقيل أنجيناه من أعدائه، خامسها: قوله تعالى:
(٥/١٩٢)


الصفحة التالية
Icon