تنبيه: قالوا زيد خير من عمرو وشر من بكر ولم يقولوا أخير منه ولا أشرّ منه لأنّ هاتين اللفظتين كثر استعمالهما فحذفت همزتاهما ولم يثبتا إلا في فعل التعجب فقالوا أخير بزيد وأشرر بعمرو وما أخير زيداً وما أشر عمراً، والعلة في إثباتهما في فعلي التعجب أنّ استعمال هذين اللفظين اسماً أكثر من استعمالهما فعلاً فحذفت الهمزة في موضع الكثرة وبقيت على أصلها في موضع القلة ﴿وأحسن ندياً﴾ أي: مجمعاً ومتحدثاً والنديّ المجلس يقال نديّ وناد والجمع الأندية منه ﴿وتأتون في ناديكم المنكر﴾ (العنكبوت، ٢٩)
وقال تعالى: ﴿فليدع ناديه﴾ (العلق، ١٧)
ويقال ندوت القوم أندوهم إذا جمعتهم في مجلس ومنه دار الندوة وكانت تجمع القوم فجعلوا ذلك الامتحان بالإنعام والإحسان دليلاً على رضا الرحمن مع التكذيب والكفران وغفلوا عن أنّ في ذلك مع التكذيب بالبعث تكذيباً بما يشاهدون منا من القدرة على العقاب بإحلال النقم وسلب النعم ولو شئنا لأهلكناهم وسلبنا جميع ما يفتخرون به.
﴿وكم أهّلكنا قبلهم﴾ ثم بيّن إبهام كم بقوله: ﴿من قرن﴾ شاهدوا ديارهم ورأوا آثارهم ﴿هم﴾ أي: أهل تلك القرون ﴿أحسن﴾ من هؤلاء ﴿أثاثاً﴾ أي: أمتعة ﴿ورئياً﴾ أي: ومنظراً فلو دلّ حصول نعم الدنيا للإنسان على كونه حبيب الله لوجب أن لا يصل إلى هؤلاء غمّ في الدنيا وقرأ قالون وابن ذكوان بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء وقفاً ووصلاً وإذا وقف حمزة أبدل الهمزة ياءً وله فيها الإدغام والإظهار
(٥/٢١٤)


الصفحة التالية
Icon