﴿واتخذوا﴾ أي: كفار قريش ﴿من دون الله﴾ أي: الأوثان ﴿آلهة﴾ يعبدونها ﴿ليكونوا لهم عزاً﴾ أي: منفعة بحيث يكونون لهم شفعاء وأنصاراً ينقذونهم من الهلاك ثم أجاب تعالى بقوله تعالى:
﴿كلا﴾ ردع وإنكار لتعززهم بها ﴿سيكفرون بعبادتهم﴾ أي: تستجحد الآلهة عبادتهم ويقولون ما عبدتمونا كقوله تعالى: ﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا﴾ (البقرة، ١٦٦)
وفي آية أخرى: ﴿ما كانوا إيانا يعبدون﴾ (القصص، ٦٣)
وقيل: أراد بذلك الملائكة لأنهم كانوا يكفرون بعبادتهم ويتبرؤون منهم ويخصمونهم وهو المراد من قوله تعالى: ﴿أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون﴾ (سبأ، ٤٠)
وقيل: إنّ الله تعالى يحي الأصنام يوم القيامة حتى يوبخوا عبادهم ويتبرؤوا منهم فيكون ذلك أعظم لحسرتهم ويجوز أن يراد الملائكة والأصنام ﴿ويكونون عليهم ضدّا﴾ أي: أعواناً وأعداءً.
فإن قيل: لم وحده وهو خبر عن جمع؟ أجيب: بأنه إما مصدر في الأصل والمصادر موحدة مذكرة وإما لأنه مفرد في معنى الجمع قال الزمخشري: والضدّ العون وحد توحيد قوله عليه الصلاة والسلام: «وهم يد على من سواهم لاتفاق كلمتهم وأنهم كشيء واحد لفرط تضامّهم وتوافقهم» انتهى. والحديث رواه أبو داوود وغيره والشاهد فيه قوله يد حيث لم يقل أيد. ولما ذكر تعالى ما لهؤلاء الكفار مع آلهتهم في الآخرة ذكر بعده ما لهم مع الشياطين في الدنيا وأنهم يتولونهم وينقادون إليهم فقال تعالى مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم.
(٥/٢١٩)
﴿ألم تر﴾ أي: تنظر ﴿أنّا أرسلنا﴾ أي: سلطنا ﴿الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً﴾ الأز والهز والاستفزاز أخوات ومعناها التهييج وشدّة الإزعاج أن تغريهم على المعاصي وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات


الصفحة التالية
Icon