فكيف قال بعده إنا نخاف فإنّ حصول الخوف يمنع من حصول شرح الصدر؟ أجيب: بأنّ شرح الصدر عبارة عن تقويته على ضبط تلك الأوامر والنواهي وحفظ تلك الشرائع على وجه لا يتطرق إليها السهو والتحريف وذلك شيء آخر غير الخوف
﴿قال﴾ الله تعالى لهما ﴿لا تخافا إنني معكما﴾ حافظكما وناصركما ﴿أسمع وأرى﴾ أي: ما يجري بينكما وبينه من قول وفعل، فأفعل ما يوجبه حفظي ونصري، وقال ابن عباس: أسمع دعاءكما فأجيبه وأرى ما يراد بكما فأمنع فلست بغافل عنكما فلا تهتما، وقال القفال: قوله تعالى: ﴿أسمع وأرى﴾ يحتمل أن يكون مقابلاً لقوله تعالى ﴿يفرط علينا أو أن يطغى﴾؛ يفرط علينا بأن لا يسمع منا أو أن يطغى بأن يقتلنا، قال تعالى: إنني معكما أسمع كلامكما فأسخره للاستماع منكما، وأرى أفعاله فلا أتركه حتى يفعل بكما ما تكرهانه ثم إنه سبحانه وتعالى أعاد ذلك التكليف فقال:
(٥/٢٦٥)
﴿فأتياه﴾ لأنه سبحانه وتعالى قال في المرّة الأولى: ﴿اذهبا إلى فرعون﴾ (طه، ٤٣)
وفي الثانية قال: ﴿اذهب أنت وأخوك﴾ (طه، ٤٢)
وفي الثالثة قال: ﴿اذهب إلى فرعون﴾ (طه، ٢٤)


الصفحة التالية
Icon