وبنى قوله: ﴿وأن يحشروا﴾ للمفعول؛ لأن القصد الجمع لا كونه من معين ﴿الناس﴾ أي: يجتمعوا ﴿ضحى﴾ أي: وقت الضحوة، فيكون أظهر لما يعمل، وأجلى، فلا يأتي الليل إلا وقد قضي الأمر، وعرف المحق من المبطل، ويكثر التحديث بذلك في كل بدو وحضر، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر.
(٥/٢٧٤)
﴿فتولى﴾ أي: أعرض ﴿فرعون﴾ عن موسى إلى تهيئة ما يريد من الكيد بعد توليه عن الانقياد لأمر الله تعالى ﴿فجمع كيده﴾ أي: مكره وحيلته وخداعه الذي دبره على موسى عليه السلام بجميع من يحصل بهم الكيد، وهم السحرة حشرهم من كل فج، وكان أهل مصر أسحر أهل الأرض وأكثرهم ساحراً، وكانوا في ذلك الزمان أشد اعتناءً بالسحر، وأمهر ما كانوا وأكثر ﴿ثم أتى﴾ للميعاد الذي وقع القرار عليه بمن حشره من السحرة والجنود ومن تبعهم من الناس مع توفر الدواعي على الإتيان للعيد، والنظر إلى تلك المغالبة التي لم يكن مثلها، ولما تشوق السامع إلى ما كان من موسى عليه السلام عند ذلك استأنف تعالى الخبر عنه بقوله تعالى:
﴿قال لهم﴾ أي: لأهل الكيد والعناد، وهم السحرة وغيرهم ﴿موسى﴾ حين رأى اجتماعهم ناصحاً لهم ﴿ويلكم﴾ يا أيها الناس الذين خلقكم الله تعالى لعبادته ﴿لا تفتروا﴾ أي: لا تتعمدوا ﴿على الله كذباً﴾ بإشراك أحد معه ﴿فيسحتكم﴾ قال مقاتل: يهلككم، وقال قتادة: يستأصلكم ﴿بعذاب﴾ من عنده، وقرأ حفص وحمزة والكسائي بضم الياء، وكسر الحاء من الإسحات، وهو لغة نجد وتميم، والباقون بفتحهما، والسحت لغة الحجاز ﴿وقد خاب من افترى﴾ كما خاب فرعون، فإنه افترى واحتال ليبقى الملك له، فلم ينفعه.


الصفحة التالية
Icon