فائدة: قال ابن فارس في المجمل وفي كتاب الخليل: إن الجسد لا يقال لغير الإنسان، وتوحيد الجسد لإرادة الجنس كأنه قيل: ذوي ضرب من الأجساد، أو على حذف المضاف، أي: ذوي جسد كما مر، أو تأويل الضمير لكل واحد، وهو جسم ذو لون، قال البيضاوي: ولذلك أي: ولكون الجسد جسماً ذا اللون لا يطلق على الماء والهواء، وهو في الماء مبني على أنه لا لون له، وإنما يتلون بلون ظرفه أو مقاله؛ لأنه جسم شفاف؛ لكن قال الإمام الرازي: بل له لون ويرى، ومع ذلك لا يحجب عن رؤية ما وراءه، ثم نبه على الثاني بقوله تعالى: ﴿وما كانوا خالدين﴾ أي: بأجسادهم، بل ماتوا كما مات الناس قبلهم وبعدهم، وإنما امتازوا عن الناس بما يأتيهم عن الله تعالى ورسولكم ﷺ ليس بخالد، فتربصوا كما أشار إليه ختم طه، فإنه متربص بكم، وأنتم عاصون الملك الذي اقترب حسابه لخلقه وهو مطيع له
﴿ثم صدقناهم الوعد﴾ أي: الذي وعدناهم بإهلاكهم، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿واختار موسى قومه﴾ (الأعراف، ١٥٥)
في حذف الجار والأصل في الوعد، ومن قومه ومنه صدقوهم القتال، وصدقني سنّ بكره والأصل في هذا المثل أن أعرابياً عرض بعيراً للبيع، فقال له المشتري: ما سنه؟ قال: بكر، فاتفق أنه ند، فقال صاحبه هدع هدع، وهذه اللفظة مما يسكن بها صغار الإبل لا الكبار، فقال المشتري: صدقني سنّ بكره، وأعرض، فصار مثلاً.
تنبيه: أشار تعالى بأداة التراخي إلى أنهم طال بلاؤهم بهم، وصبرهم عليهم، ثم أحل بهم سطوته، وأراهم عظمته ﴿فأنجيناهم﴾ أي: الرسل ﴿ومن نشاء﴾ وهم المؤمنون أو من في إبقائه حكمة كمن سيؤمن هو أو واحد من ذريته، ولذلك حميت به العرب من عذاب الاستئصال، ﴿وأهلكنا المسرفين﴾ أي: المشركين؛ لأن المشرك مسرف على نفسه
(٥/٣٤٠)