﴿لو كان فيهما﴾ أي: السموات والأرض أي: في تدبيرهما ﴿آلهة إلا الله﴾ أي: غير الله تعالى ﴿لفسدتا﴾ أي: لخرجتا عن نظامهما المشاهد لوجود التمانع بينهم على وفق العادة عند تعدّد الحاكم، وعن عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق كان والله أعز عليّ من دم ناظري، ولكن لا يجتمع فحلان في شول، وهذا ظاهر.
(٥/٣٤٨)
وأما طريقة التمانع فقال المتكلمون: القول بوجود إلهين مفضٍ إلى المحال لأنّا لو فرضنا وجود إلهين، فلا بدّ أن يكون كل واحد منهما قادراً على كل المقدورات، ولو كان كذلك لكان كل واحد منهما قادراً على تحريك زيد وتسكينه، ولو فرضنا أنّ أحدهما أراد تحريكه والآخر أراد تسكينه، فإمّا أن يقع المرادان وهو محال لاستحالة الجمع بين الضدّين، أو لا يقع واحد منهما، وهو محال؛ لأنّ المانع من وجود مراد كل واحد منهما مراد الآخر، فلا يمتنع مراد هذا إلا عند وجود مراد ذلك وبالعكس، أو يقع مراد أحدهما دون الآخر، وذلك أيضاً محال؛ لأنّ الذي وقع مراده يكون قادراً، والذي لم يقع مراده يكون عاجزاً، والعجز نقص، وهو على الإله محال، فثبت أن الفساد لازم على كل التقديرات، وإذا وقفت على حقيقة هذه الدلالة عرفت أنّ جميع ما في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات دليل على أنّ وحدانية الله تعالى والدلائل السمعية على الوحدانية كثيرة في القرآن، ولما أفاد هذا الدليل أنه لا يجوز أن يكون المدبر للسموات والأرض إلا واحداً، وأن ذلك الواحد لا يكون إلا الله تعالى قال: ﴿فسبحان الله﴾ أي: فتسبب عن ذلك تنزه المتصف بصفات الكمال ﴿ربّ﴾ أي: خالق ﴿العرش﴾ أي: الكرسي المحيط بجميع الأجسام الذي هو محل التدابير، ومنشأ التقادير ﴿عما يصفون﴾ أي: الكفار الله به من الشريك له وغيره، ثم بيّن تعالى ذلك بقوله عز وجل:
(٥/٣٤٩)


الصفحة التالية
Icon