﴿وجعلنا في الأرض رواسي﴾ أي: جبالاً ثوابت كراهة ﴿أن تميد﴾ أي: تتحرك ﴿بهم﴾ قيل: إن الأرض بسطت على الماء، فكانت تتحرك كما تتحرك السفينة في الماء، فأرساها الله وأثبتها بالجبال، النوع الرابع من الدلائل: قوله تعالى: ﴿وجعلنا فيها﴾ أي: في الرواسي ﴿فجاجاً﴾ أي: مسالك واسعة سهلة، ثم أبدل منها ﴿سبلاً﴾ أي: مذللة للسلوك، ولولا ذلك لتعسر أو تعذر الوصول إلى بعض البلاد ﴿لعلهم يهتدون﴾ إلى منافعهم من ديارهم وغيرها، وإلى ما فيها من دلائل الوحدانية، النوع الخامس من الدلائل: قوله تعالى:
﴿وجعلنا السماء﴾ وأفردها مع إرادة الجنس؛ لأن أكثر الناس لا يشاهدون منها إلا السماء الدنيا، ولأن الحفظ للشيء الواحد أتقن ﴿سقفاً﴾ أي: للأرض كالسقف للبيت ﴿محفوظاً﴾ أي: عن السقوط بالقدرة، وعن الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بالمشيئة، وعن الشياطين بالشهب ﴿وهم﴾ أي: أكثر الناس ﴿عن آياتها﴾ أي: من الكواكب الكبار والصغار، والرياح والأمطار وغير ذلك من الدلائل التي تفوت الانحصار الدالة على قدرتنا على كل ما نريد من البعث وغيره، وعلى عظمتنا بالتفرد بالإلهية وغير ذلك من أوصاف الكمال من الجلال والجمال ﴿معرضون﴾ لا يتفكرون فيما فيها من السير والتدبير وغير ذلك، فيعلمون أنّ خالقها لا شريك له، النوع السادس من الدلائل: قوله تعالى:
(٥/٣٥٦)


الصفحة التالية
Icon