﴿قل﴾ يا أشرف الخلق لهؤلاء المشركين ﴿إنما أنذركم﴾ أي: أخوّفكم ﴿بالوحي﴾ أي: بالقرآن الذي هو كلام ربكم فلا تظنوا أنه من قبل نفسي ﴿ولا يسمع الصم الدعاء﴾ أي: ممن يدعوهم ﴿إذا ما ينذرون﴾ أي: يخوّفون فهم لترك العمل بما سمعوه كالصم فإن قيل: الصم لا يسمعون دعاء البشر كما لا يسمعون دعاء المنذر، فكيف قيل: إذا ما ينذزون؟ أجيب: بأنه وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على تصامّهم وسدّهم أسماعهم إذا أنذروا، أي: هم على هذه الصفة من الجراءة والجسارة وعلى التصامّ عن آيات الإنذار، وقرأ ابن عامر ولا تسمع بالتاء الفوقية مضمومة وكسر الميم ونصب ميم الصم على الخطاب النبوي والباقون بالياء التحتية وفتح الميم ورفع ميم الصم وفي الدعاء، وإذا همزتان مختلفتان من كلمتين؛ الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين الهمزة والياء والباقون بتحقيق الهمزتين، وهذا في حال الوصل، فإن وقف على الهمزة الأولى فالجميع يبتدئون الثانية بالتحقيق، ويقف حمزة وهشام بإبدال الهمزة ألفاً مع المدّ والتوسط والقصر.
﴿ولئن مستهم﴾ أي: أصابتهم ﴿نفحة﴾ أي: دفعة خفيفة وفي ذلك مبالغات ذكر المس و ما في النفحة من معنى القلة فإنّ أصل النفح هبوب رائحة الشيء والتاء الدالة على المرّة ﴿من عذاب ربك﴾ المحسن إليك بنصرك عليهم من الذي ينذرون به ﴿ليقولنّ﴾ وقد أذهلهم أمرها ﴿يا ويلنا﴾ الذي لا نرى بحضرتنا الآن غيره ﴿إنّا كنّا ظالمين﴾ دعوا على أنفسهم بالويل بعد ما أقرّوا بالظلم، ثم ذكر تعالى بعض ما يفعل في حساب الساعة من العدل، فقال عاطفاً على قوله تعالى: ﴿بل تأتيهم بغتة﴾:
(٥/٣٦٣)


الصفحة التالية
Icon