﴿الذين يخشون﴾ أي: يخافون خوفاً عظيماً ﴿ربهم﴾ أي: المحسن إليهم بعد الإيجاد بالتربية وأنواع الإحسان ﴿بالغيب﴾ عن الناس أي: في الخلاء عنهم أو بالغيب قبل أن يكشف لهم الحجاب في الجنة ﴿وهم من الساعة﴾ التي توضع فيها الموازين وقد أعرض عنها الجاهلون مع كونها أعظم حامل على كل خير ومباعد عن كل ضير ﴿مشفقون﴾ أي: خائفون لأنهم لقيامها متحققون ولنصب الموازين فيها عالمون، ولما ذكر تعالى فرقان موسى عليه السلام وكان العرب يشاهدون تمسك اليهود به حثهم على كتابهم هو أشرف منه بقوله تعالى:
﴿وهذا﴾ أي: القرآن وأشار إليه بأداة القرب إيماء إلى سهولة تناوله عليهم ﴿ذكر﴾ أي: موعظة ﴿مبارك﴾ أي: كثير خيره ﴿أنزلناه﴾ على أشرف الرسل محمد ﷺ وقوله تعالى: ﴿أفأنتم له منكرون﴾ أي: جاحدون استفهام توبيخ، القصة الثانية: قصة إبراهيم عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿ولقد أتينا﴾ بما لنا من العظمة ﴿إبراهيم رشده﴾ أي: صلاحه وهداه ﴿من قبل﴾ أي: من قبل موسى وهارون ومحمد صلى الله وسلم عليهم وقيل: من قبل استنبائه أو بلوغه حيث قال: إني وجهّت وجهي ﴿وكنّا به﴾ ظاهراً وباطناً ﴿عالمين﴾ بأنه أهل لما آتيناه لأنه جبلة خير جامع لمحاسن الأوصاف ومكارم الأخلاق والخصال يدوم على الرشد ويترقى فيه إلى أعلى درجاته لما طبعناه عليه، وفي ذلك إشارة إلى أنه فعله تعالى باختيار وحكمة وأنه عالم بالجزئيات.
(٥/٣٦٦)


الصفحة التالية
Icon