فلذا ﴿قالوا﴾ ظناً منهم أنه لم يقل لهم ذلك على ظاهره ﴿أجئتنا﴾ في هذا الكلام ﴿بالحق﴾ الذي يطابقه الواقع ﴿أم أنت من اللاعبين﴾ أي: تقوله على وجه المزاح والملاعبة لا على وجه الجد.
﴿قال﴾ عليه السلام بانياً على ما تقديره ليس كلامي لعباً بل هو جد وهذه التماثيل ليست أرباباً ﴿بل ربكم﴾ أي: الذي يستحق منكم اختصاصه بالعبادة ﴿رب السموات والأرض﴾ أي: مدبرهنّ القائم بمصالحهنّ ﴿الذي فطرهنّ﴾ أي: خلقهنّ على غير مثال سبق وأنتم وتماثيلكم بما فيهما من مصنوعاته أنتم تشهدون بذلك إذا رجعتم إلى عقولكم مجرّدة عن الهوى وقيل: الضمير في فطرهنّ للتماثيل قال الزمخشري: وكونه للتماثيل أدخل في تضليلهم وأثبت للاحتجاج عليهم ﴿وأنا على ذلكم﴾ أي: الأمر البين من أنه ربكم وحده فلا تجوز عبادة غيره ﴿من الشاهدين﴾ أي: الذين يقدرون على إقامة الدليل على ما يشهدون به لم يشهدوا إلا على ما هو عندهم مثل الشمس لا كما فعلتم أنتم حين اضطرّكم السؤال إلى الضلال، ولما أقام البرهان على إثبات الإله الحق أتبعه البرهان على إبطال الباطل بقوله:
(٥/٣٦٨)


الصفحة التالية
Icon