(٥/٣٧٦)
أذبحها له فذبحها له نمروذ، ثم كف عن إبراهيم ومنعه الله تعالى منه وكان إبراهيم إذ ذاك ابن ست عشرة سنة واختاروا المعاقبة بالنار لأنها أهول ما يعاقب به وأفظعه، ولذلك جاء في الحديث: «لا يعذب بالنار إلا خالقها»، وقيل: إنّ الله تعالى نزع عنها طبعها الذي طبعها عليه من الحر والإحراق، وأبقاها على الإضاءة والإشراق والاشتعال كما كانت والله على كل شيء قدير، فدفع عن إبراهيم حرّها كما يدفع ذلك عن خزنة جهنم.
﴿وأرادوا به كيداً﴾ أي: مكراً في إضراره بالنار، وبعد خروجه منها ﴿فجعلناهم﴾ أي: بما لنا من الجلال ﴿الأخسرين﴾ أي: أخسر من كل خاسر عاد سعيهم برهاناً قاطعاً على أنهم على الباطل، وإبراهيم على الحق، وموجباً لزيادة درجته واستحقاقهم أشدّ العذاب، وقد أرسل الله تعالى على نمروذ، وعلى قومه البعوض فأكلت لحومهم، وشربت دماءهم ودخلت في دماغه بعوضة، فأهلكته.
فائدة: وقع مثل هذه القصة لبعض أتباع نبينا محمد ﷺ وهو أبو مسلم الخولانيّ طلبه الأسود العنسي لما ادّعى النبوّة فقال له: اشهد أني رسول الله، قال: ما أسمع، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بنار، فألقي فيها، ثم وجده قائماً يصلي فيها، وقد صارت عليه برداً وسلاماً، وقدم المدينة بعد موت النبي ﷺ فأجلسه عمر بينه وبين أبي بكر رضي الله عنهم، وقال عمر: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني من أمّة محمد ﷺ من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله.
(٥/٣٧٧)


الصفحة التالية
Icon