وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به وصدقوه رجل من اليمن يقال له اليفن، ورجلان من بلده يقال لأحدهما بلدد، والآخر صابر، وكانوا كهولاً، وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السموات، وكان يقف فيهنّ حيثما أراد حتى رفع الله تعالى عيسى عليه السلام، فحجب من أربع، فلما بعث محمد ﷺ عن السموات كلها إلا من استرق السمع، فسمع إبليس تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب عليه السلام، وذلك حين ذكره الله تعالى وأثنى عليه، فأدركه البغي والحسد، فصعد سريعاً حتى وقف من السماء موقفاً كان يقفه، فقال: إلهي نظرت في أمر عبدك أيوب، فوجدته عبداً أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك، ولو ابتليته بنزع ما أعطيته لحال عما هو عليه من شكرك وعبادتك، ولخرج من طاعتك؛ قال الله تعالى: انطلق فقد سلطتك على ماله، فانقض عدو الله إبليس حتى وقع على الأرض، ثم جمع عفاريت الجنّ ومردة الشياطين وقال لهم: ماذا عندكم من القوّة، فإني قد سلطت على مال أيوب وهي المصيبة الفادحة، والفتنة التي لا تصبر عليها الرجال، فقال عفريت من الشياطين: أعطيت من القوة ما إذا شئت تحولت إعصاراً من نار، وأحرقت كل شيء آتى عليه؛ قال إبليس: فأت الإبل ورعاتها، فأتى الإبل، وقد وضعت رؤوسها ورعت في مراعيها، فلم يشعر الناس حتى ثار من تحت الأرض إعصار من نار لا يدنو منها أحد إلا احترق، فأحرق الإبل ورعاتها حتى أتى على آخرها.
(٥/٣٩١)


الصفحة التالية
Icon