﴿ذلك﴾ أي: المذكور من بدء الخلق إلى آخر إحياء الأرض ﴿بأنّ﴾ أي: بسبب أن تعلموا أنّ ﴿الله﴾ أي: الجامع لأوصاف الكمال ﴿هو﴾ أي: وحده ﴿الحق﴾ أي: الثابت الدائم وما سواه فان، ثانيها قوله تعالى: ﴿وأنه يحيي الموتى﴾ أي: قادر على ذلك وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة، ثالثها: قوله تعالى: ﴿وأنه على كل شيء﴾ من الخلق وغيره ﴿قدير﴾ ﴿إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون﴾ (يس، ٨٢)، رابعها: قوله تعالى: ﴿وأن الساعة﴾ التي تقدّم ذكرها وتقدّم التحذير منها وهي حشر الخلائق كلهم ﴿آتية لا ريب﴾ أي: لا شك ﴿فيها﴾ أي: بوجه من الوجوه مما دلّ عليها مما لا سبيل إلى إنكاره بقول من لا مرد لقوله، وهو حكيم لا يخلف ميعاده، ولا يسوغ بوجه أن يترك عباده بغير حساب، خامسها: قوله تعالى: ﴿وأنّ الله يبعث﴾ بالإحياء ﴿من في القبور﴾ بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف، وقد وعد الساعة والبعث، فلا بدّ أن يفي بما وعد ونزل في أبي جهل بن هشام كما قاله ابن عباس:
(٥/٤٤٠)
﴿ومن الناس من يجادل﴾ أي: بغاية جهده ﴿في الله﴾ أي: في قدرته وما يجمعه هذا الاسم الشريف من صفاته بعد هذا البيان الذي لا مثل له ولا خفاء فيه ﴿بغير علم﴾ أتاه عن الله تعالى على لسان أحد من أصفيائه أعمّ من أن يكون كتاباً أو غيره ﴿ولا هدى﴾ أرشده إليه أعمّ من كونه بضرورة أو استدلال ﴿ولا كتاب منير﴾ له نور منه صح لديه أنه من الله تعالى، ومن المعلوم أنه بانتفاء هذه الثلاثة لا يكون جداله إلا بالباطل، وقيل: قوله تعالى: ﴿ومن الناس﴾ كرّر كما كرّرت سائر الأقاصيص، وقيل: الأوّل في المقلدين، وهذا في المقلدين، وقوله تعالى:
﴿ثاني عطفة﴾ حال أي: لاوي عنقه تكبراً عن الإيمان كما قال تعالى: ﴿وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً﴾ (لقمان، ٧)
والعطف في الأصل الجانب عن يمين أو شمال، وقوله تعالى: ﴿ليضلّ عن سبيل الله﴾ علة للجدال، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بضمها.


الصفحة التالية
Icon