(٥/٤٥١)
عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها» وعن عكرمة فقالت النار خلقني الله لعقوبته وقال الجنة خلقني الله لرحمته وهذا القول بعيد عن لاسياق لأنّ الله تعالى ذكر جزاء الخصمين بقوله تعالى: ﴿فالذين كفروا﴾ وهو الفصل بينهم المعني بقوله تعالى: ﴿إنّ الله يفصل بينهم يوم القيامة﴾ ﴿قطعت﴾ أي: قدّرت ﴿لهم﴾ على تقادير جثثهم ﴿ثبات من نار﴾ أي: نيران تحيط بهم إحاطة الثياب سابغة عليهم كما كانوا يسبلون الثياب في الدنيا تفاخراً وتكبراً وعن إبراهيم التيمي أنه قال: سبحان من قطع من النار ثياباً. وعن سعيد بن جبير قال: قطعت من نحاس وليس من الآنية شيء إذا حمى أشدّ حرارة منه. وقال في قوله: ﴿يصبّ﴾ أي: ادخلوها ﴿من فوق رؤوسهم الحميم﴾ قال ابن النحاس يذاب على رؤوسهم ولكن المشهور أنه الماء الحار وعن ابن عباس: لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها، والجملة حال من الضمير في لهم، أو خبر ثان وقرأ أبو عمرو في الوصل بكسر الهاء والميم وقرأ حمزة والكسائي بضم الهاء والميم والباقون بكسر الهاء وضم الميم هذا في الوصل، فإن وقف على رؤوسهم فالجميع بكسر الهاء وسكون الميم وحمزة على أصله في الوقف على رؤوسهم بتسهيل الهمزة ﴿يصهر﴾ أي: يذاب ﴿به﴾ من شدّة حرارته ﴿ما في بطونهم﴾ من شحم وغيره ﴿والجلود﴾ فيكون أثره في الباطن والظاهر سواء وقال ابن عباس يسقون ماء إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون ﴿ولهم مقامع﴾ جمع مقمعة بكسر ثم فتح وهو عمود حديد وقيل: سوط يضرب به الوجه والرأس ليردّ المضروب عن مراده ردّا عنيفاً ثم نفي المجاز بقوله تعالى: ﴿من حديد﴾ أي: يقمعون بها روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله ﷺ قال لو أنّ مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ما أقلوه من الأرض ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها﴾ أي: من تلك الثياب أو من النار ﴿من غمّ﴾ أي: كلما حاولوا الخروج من النار


الصفحة التالية
Icon