(٥/٤٥٥)
شيئاً من كلامهم وكانوا يؤذون من أسلم إلى غير ذلك من أعمالهم ﴿و﴾ يصدّون عن ﴿المسجد الحرام﴾ أن تقام شعائره من الطواف بالبيت، والصلاة، والحج، والاعتمار ممن هو أهل ذلك من أوليائنا، ثم وصفه بما يبين شديد ظلمهم في الصدّ عنه بقوله تعالى: ﴿الذين جعلناه﴾ بما لنا من العظمة ﴿للناس﴾ أي: كلهم ثم بين جعله لهم بقوله تعالى: ﴿سواء العاكف﴾ أي: المقيم ﴿فيه والباد﴾ أي: الطارىء من البادية وهو الجائي إليه من غربة، وقال بعضهم: يدخل في العاكف الغريب إذا جاءه للتعبد وإن لم يكن من أهله قال الزمخشري: وقد استشهد بهذا أصحاب أبي حنيفة قائلين إنّ المراد بالمسجد الحرام مكة على امتناع جواز بيع دور مكة وإجارتها انتهى. وأيضاً هو مذهب ابن عمر وعمر ابن عبد العزيز وإسحاق الحنطي المعروف بابن راهويه قال البيضاويّ وهو مع ضعفه معارض بقوله تعالى: ﴿الذين أخرجوا من ديارهم﴾ الآية. وشرى عمر داراً ليسجن فيها من غير نكير انتهى ووجه الرازي الضعيف بقوله: لأن العاكف قد يراد به الملازم للمسجد المعتكف فيه على الدوام أو في الأكثر فلا يلزم ما ذكر ويحتمل أن يراد بالعاكف المجاور للمسجد المتمكن في كل وقت من الأوقات من التعبد فيه فلا وجه لصرف الكلام عن ظاهره مع هذه الاحتمالات انتهى واستدل أيضاً للجواز بقوله ﷺ لما قال له أسامة بن زيد «يا رسول الله أتنزل غداً بدارك بمكة فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور» وكان عقيل ورث أبا طالب دون علي وجعفر لأنهما كانا مسلمين ولا يورث إلا ما كان الميت مالكاً له قال الروياني: ويكره بيعها وإجارتها للخروج من الخلاف ونازعه النووي في مجموعه وقال: إنه خلاف الأولى لأنه لم يرد فيه نهي مقصود والأوّل كما قال الزركشيّ هو المنصوص بل اعترض على النوويّ فإنه صرّح بكراه بيع المصحف والشطرنج ولم يرد في ذلك نهي مقصود.
(٥/٤٥٦)


الصفحة التالية
Icon