﴿وإذ﴾ أي: واذكر إذ ﴿بوأنا لإبراهيم مكان البيت﴾ أي: جعلنا له مكان البيت مبوّأ أي: مرجعاً يرجع إليه للعمارة والعبادة، فإنّ البيت رفع إلى السماء أيام الطوفان وكان من ياقوتة حمراء فأعلم الله إبراهيم عليه السلام مكانه بريح أرسلها يقال لها: الخجوج كشفت ما حوله فبناه على أسِّهِ القديم، وقيل: بعث الله تعالى له سحابة بقدر البيت فقامت بحيال البيت وفيها رأس يتكلم يا إبراهيم ابن علي دوري فبني عليه، وعن عطاء بن أبي رباح قال: لما أهبط الله آدم عليه السلام كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع تسبيح أهل السماء ودعاءهم وأنس إليهم فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله تعالى في دعائها، وقيل في صلاتها فأخفضه الله تعالى إلى الأرض، فلما فقدما كان يسمع منهم استوحش وقيل: أوّل من بني البيت إبراهيم لما روى وورد في الصحيحين عن بي ذر قال: «قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أولاً؟ قال المسجد الحرام، قلت: ثم أيّ؟ قال: بيت المقدس قلت كم بينهما قال أربعون سنة» ثم فسر التبوئة بقوله تعالى: ﴿أن لا تشرك بي شيئاً﴾ فابتدأ بأُسِّ العبادة ورأسها وعطف على النهي قوله تعالى: ﴿وطهر بيتي﴾ أي: عن كل ما لا يليق به من الأوثان والأقذار وطواف عريان به كما كان العرب تفعل ﴿للطائفين﴾ أي: الذين يطوفون بالبيت فإن قيل كيف يكون النهي عن الشرك والأمر بتطهير البيت تفسير للتبوئة؟ (أجيب) بأنّ التبوئة لما كانت مقصودة من أجل العبادة فكأنه قيل تعبدنا إبراهيم قلنا له لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفتين، وقال ابن عباس للطائفين بالبيت من غير أهله ﴿والقائمين﴾ أي: المقيمين ﴿والركوع السجود﴾ أي: المصلين من الكل وقال غيره القائمين هم المصلون لأنّ المصلي لا بدّ أن يكون في صلاته جامعاً بين القيام والركوع والسجود، قال البيضاويّ: ولعله عبر عن الصلاة بأركانها للدلالة على أنّ كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك كيف وقد اجتمعت ﴿وأذن في الناس﴾ أي: أعلمهم وناد