قال ابن الأثير: والغرانيق هنا الأصنام، وهي في الأصل للذكور من طير الماء واحدها غرنوق وغرنيق سمي به لبياضه قال: وكانوا يزعمون أنّ الأصنام تقرّبهم من الله وتشفع لهم فشبهت بالطيور التى تعلو إلى السماء وترتفع، وقيل: تمنى أي: قرأ، كقول حسان في حق عثمان بن عفان:
*تمنى كتاب الله أوّل ليلة
... تمنى داود الزبور على رسل
أي: على تأن وتمهل. ولما ذكر سبحانه وتعالى ما حكم به من تمكين الشيطان من هذا الإلقاء ذكر العلة في ذلك بقوله تعالى:
(٥/٤٨٨)
﴿ليجعل ما يلقي الشيطان﴾ أي: في المتلو أو المحدّث به من تلك الشبهة في قلوب أوليائه على التفسير الأوّل، وعلى الثاني وغيره يؤوّل بما يناسبه ﴿فتنة﴾ أي: اختباراً وامتحاناً ﴿للذين في قلوبهم مرض﴾ أي: شك ونفاق ﴿والقاسية﴾ أي: الجافية ﴿قلوبهم﴾ عن قول الحق وهم المشركون ﴿وإنّ الظالمين﴾ أي: الواضعين لأقوالهم وأفعالهم في غير مواضعها كفعل من هو في الظلام ﴿لفي شقاق﴾ أي: خلاف لكونهم في شق غير شق حزب الله بمعاجزتهم في الآيات بتلك الشبهة التي تلقوها من الشيطان، وجادلوا بها أولياء الرحمن ﴿بعيد﴾ عن الصواب ﴿لتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون﴾ (الأنعام، ١١٣)، وعلى ثبوت ذكر القصة وجرى عليه الجلال المحلي؛ قال: إنهم في خلاف طويل مع النبي ﷺ والمؤمنين حيث جرى على لسانه ذكر آلهتهم بما يرضيهم، ثم أبطل ذلك.


الصفحة التالية
Icon