تنبيه: سمي الشىء المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة وعهداً، ومنه قوله تعالى: ﴿إنّ الله يأمركم أنّ تؤدّوا الأمانات إلى أهلها﴾ (النساء، ٥٨)، وقال تعالى: ﴿وتخونوا أماناتكم﴾ (الأنفال، ٣٧)، وإنما تؤدّى العيون لا المعاني ويخان المؤتمن عليه لا الأمانة في نفسها. وقرأ ابن كثير: لأمانتهم بغير ألف بين النون والتاء على الإفراد لا من الإلباس أو لأنها في الأصل مصدر، والباقون بالألف على الجمع.
الصفة السابعة المذكورة في قوله تعالى:
﴿والذين هم على صلواتهم﴾ التي وصفوا بالخشوع فيها ﴿يحافظون﴾ أي: يواظبون عليها ولا يتركون شيئاً من مفروضاتها ولا مسنوناتها يجتهدون في كمالاتها جهدهم، ويؤدّونها في أوقاتها.
فإن قيل: كيف كرّر الصلاة أولاً وآخراً؟ أجيب: بأنهما ذكران مختلفان فليس بمكرر وصفوا أولاً بالخشوع في صلاتهم وآخر بالمحافظة عليها وذلك أنّ لا يسهوا عنها ويؤدوها في أوقاتها، ويقيموا أركانها ويوطنوا أنفسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أنّ تتم به أوصافها، وأيضاً فقد وحدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أيّ صلاة كانت وجمعت آخراً على غير قراءة حمزة والكسائي، فإنّ غيرهما قرأ بالجمع، وأمّا هما فقرأا بالإفراد لتفاد المحافظة على أعدادها وهي الصلوات الخمس والسنن المرتبة مع كل صلاة، وصلاة الجمعة وصلاة الجنازة والعيدين والكسوفين والاستسقاء، والوتر والضحى وصلاة التسبيح، وصلاة الحاجة، وغيرها من النوافل، ولما ذكر تعالى مجموع هذه الصفات العظيمة فخم جزاءهم فقال تعالى:
(٦/١٤)