تنبيه: في تنكير ذهاب إيماء إلى تكثير طرقه، وفيه إيذان باقتدار المذهب وأنه لا يتعايا عليه شيء إذا أراده، وهو أبلغ في الإيعاد من قوله تعالى: ﴿قل أرأيتم إنّ أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين﴾ (الملك، ٣٠)، فعلى العباد أنّ يستعظموا النعمة في الماء ويقيدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفادها إذا لم تشكر ثم إنه تعالى سبحانه لما نبه على عظم نعمته بخلق الماء ذكر بعده هذه النعمة الحاصلة من الماء بقوله تعالى:
﴿فأنشأنا﴾ أي: فأخرجنا وأحيينا ﴿لكم﴾ خاصة لا لنا ﴿به﴾ أي: بذلك الماء الذي جعلنا منه كل شيء حي ﴿جنات﴾ أي: بساتين ﴿من نخيل وأعناب﴾ صرح بهذين الصنفين لشرفهما ولأنهما أكثر ما عند العرب من الثمار، وسمى الأوّل باسم شجرته لكثرة ما فيها من المنافع المقصودة بخلاف الثاني، فإنه المقصود من شجرته، وأشار إلى غيرهما بقوله تعالى: ﴿لكم﴾ أي: خاصة ﴿فيها﴾ أي: الجنات ﴿فواكه كثيرة﴾ تتفكهون بها ﴿ومنها﴾ أي: ومن الجنات من ثمارها وزروعها ﴿تأكلون﴾ رطباً ويابساً وتمراً وزبيباً، وقوله تعالى:
(٦/٢٢)


الصفحة التالية
Icon