﴿فاتخذتموهم﴾ أي: فتسبب عن إيمانهم أن اتخذتموهم ﴿سخرياً﴾ أي: تسخرون منهم وتستهزؤن بهم، وقرأ نافع وحمزة والكسائي بضم السين، والباقون بالكسر وهو مصدر سخر كالسخر إلا أن في ياء النسب زيادة قوّة في الفعل كما قيل: الخصوصية في الخصوص، وعن الكسائي والفرّاء أن المكسور من الهزء والمضموم من السخرية والعبودية، أي: تسخرونهم وتتعبدونهم؛ قال الزمخشري: والأول مذهب الخليل وسيبويه، انتهى. وأظهر الذال عند التاء ابن كثير وحفص، والباقون بالإدغام ﴿حتى أنسوكم ذكري﴾ أي: بأن تذكروني فتخافوني، وأضاف ذلك إليهم لأنهم كانوا السبب فيه لفرط اشتغالهم بالاستهزاء بهم ﴿وكنتم منهم تضحكون﴾ استهزاء بهم نزلت في كفار قريش كانوا يستهزئون بالفقراء من أصحاب رسول الله ﷺ مثل بلال وعمار وصهيب وخباب، ولما تشوّقت النفس بعد العلم بما فعل بأعدائهم إلى جزائهم قال الله تعالى:
﴿إني جزيتهم اليوم﴾ أي: بالنعيم المقيم ﴿بما صبروا﴾ أي: على عبادتي ولم يشغلهم عنها تألمهم بأذاكم، كما يشغلكم عنها التذاذكم بإهانتهم ففازوا دونكم وهو معنى قوله تعالى: ﴿إنهم هم الفائزون﴾ أي: بمطلوبهم الناجون من عذاب النار، وقرأه حمزة والكسائي بكسر الهمزة على الاستئناف والباقون بفتحها على أنها مفعول ثان لجزيتهم، ثم إن الله تعالى:
(٦/٦٦)


الصفحة التالية
Icon