فإن قيل: إذا كان ذلك القذف يشمل الذكر والأنثى فلم كانت الآية الكريمة في الإناث فقط؟ أجيب: بأن الكلام في حقهن أشنع وتنبيهاً على عظيم حق أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها، وحدّ القاذف الحر ثمانون كما قال تعالى: ﴿فاجلدوهم﴾ أي: أيها المؤمنون من الأئمة ونوابهم ﴿ثمانين جلدة﴾ لكل واحد منهم لكل محصنة وحدّ القاذف الرقيق ولو مبعضاً أو مكاتباً أربعون جلدة على النصف من الحر لآية النساء فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فهذه الآية مخصوصة بتلك إذ لا فرق بين الذكر والأنثى، ولا بين حدّ الزنا وحدّ القذف، ويدل على أن المراد بالآية الأحرار قوله تعالى: ﴿ولا تقبلوا لهم﴾ أي: بعد قذفهم ﴿شهادة﴾ أي: شهادة كانت ﴿أبداً﴾ للحكم بافترائهم؛ لأن العبد لا تقبل شهادته، وإن لم يقذف. ولما كان التقدير أنهم قد افتروا عطف عليه تحذيراً من الإقدام عليه من غير تثبت ﴿وأولئك﴾ أي: الذين تقدم ذمهم بالقذف فنزلت رتبتهم جدّاً ﴿هم الفاسقون﴾ أي: المحكوم بفسقهم الثابت لهم هذا الوصف، وإن كان القاذف منهم محقاً في نفس الأمر وفي ذلك دليل على أن القذف من الكبائر؛ لأن اسم الفسق لا يقع إلا على صاحب كبيرة، واختلف العلماء في قبول شهادة القاذف بعد التوبة، وحكم هذا الاستثناء المذكور في قوله:
(٦/٨٠)


الصفحة التالية
Icon