﴿إن الذين يحبون﴾ أي: يريدون وعبر بالحب إشارة إلى أنه لا يرتكب هذا مع شناعته إلا محب له، ولا يحبه إلا بعيد عن الاستقامة ﴿أن تشيع﴾ أي: تنتشر بالقول أو الفعل ﴿الفاحشة﴾ الفعلة الكبيرة القبح ﴿في الذين آمنوا﴾ أي: بنسبتها إليهم وهم العصبة، وقيل: المنافقون ﴿لهم عذاب أليم في الدنيا﴾ أي: بالحدّ للقذف ﴿والآخرة﴾ أي: بالنار لحق الله تعالى إن لم يتب ﴿والله﴾ أي: المستجمع لصفات الجلال والجمال ﴿يعلم﴾ أي: له العلم التام فهو يعلم مقادير الأشياء ما ظهر منها وما بطن وما الحكمة في إظهاره أو ستره أو غير ذلك من جميع الأمور ﴿وأنتم لا تعلمون﴾ أي: ليس لكم علم من أنفسكم فاعملوا بما علمكم فلا تتجاوزوه ولا تضلوا، وقيل: معناه يعلم ما في قلب من يحب أن تشيع الفاحشة فيجازيه عليها وأنتم لا تعلمون ذلك، وقيل: والله يعلم انتفاء الفاحشة عنهم وأنتم أيها العصبة لا تعلمون وجودها فيهم، وقوله تعالى:
﴿ولولا فضل الله عليكم ورحمته﴾ أي: بكم تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة، ولذا عطف عليه ﴿وأن الله﴾ أي: الذي له القدرة التامة، فسبقت رحمته غضبه ﴿رؤوف رحيم﴾ على حصول فضله ورحمته، وجواب لولا محذوف كأنه قال: لعذبكم واستأصلكم لكنه رؤوف رحيم؛ قال ابن عباس: الخطاب لحسان ومسطح وحمنة قال الرازي: ويجوز أن يكون الخطاب عاماً، وقيل: الجواب في قوله تعالى: ﴿ما زكى منكم من أحد﴾، وقرأ: رؤوف؛ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص بمدّ الهمزة والباقون بقصرها.
(٦/١٠٣)


الصفحة التالية
Icon