﴿ليس عليكم جناح﴾ أي: إثم ﴿أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة﴾ أي: بغير استئذان منكم، وذلك كبيوت الخانات والربط المسبلة ﴿فيها متاع﴾ أي: منفعة ﴿لكم﴾ والمنفعة فيها بالنزول وأنواع المتاع والاتقاء من الحر والبرد ونحو ذلك، وقال ابن زيد: هي بيوت التجار وحوانيتهم التي بالأسواق يدخلها للبيع والشراء وهو المنفعة، وقال إبراهيم النخعي: ليس على حوانيت الأسواق إذن، وكان ابن سيرين رحمه الله تعالى إذا جاء إلى حانوت السوقي يقول: السلام عليكم أدخل ثم يلج، وقال عطاء: هي البيوت الخربة والمتاع هو قضاء الحاجة فيها من البول والغائط، وذلك استثناء من الحكم السابق لشموله البيوت المسكونة وغيرها ﴿والله يعلم ما تبدون﴾ أي: تظهرون ﴿وما تكتمون﴾ أي: تخفون في دخول غير بيوتكم من قصد صلاح أو غيره، وفي ذلك وعيد من الله تعالى لمن دخل لفساد أو تطلع على عورات وسيأتي أنهم إذا دخلوا بيوتهم سلموا على أنفسهم.
والحكم السابع حكم النظر المذكور في قوله تعالى:
﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم﴾ أي: عما لا يحل لهم نظره ﴿ويحفظوا فروجهم﴾ أي: عما لا يحل لهم فعله بها.
تنبيه: من للتبعيض، والمراد غض البصر عما لا يحل كما مرَّ والاقتصار به على ما يحل، وجوّز الأخفش أن تكون مزيدة وأباه سيبويه.
فإن قيل: لم دخلت من في غض البصر دون حفظ الفرج؟ أجيب: بأن في ذلك دلالة على أن المراد أن أمر النظر أوسع بدليل جواز النظر للمحارم فيما عدا ما بين السرة والركبة، وأما نظر الفروج فالأمر فيه ضيق وكفاك فرقاً أن أبيح النظر إلا ما استثني منه، وحظر الجماع إلا ما استثني منه، ويجوز أن يراد مع حفظها عن الإفضاء إلى ما لا يحل حفظها عن الإبداء، وعن ابن زيد: كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا إلا هذا فإنه أراد به الاستتار.
(٦/١١٥)