لكن ينبغي أن تكون شريطة الله تعالى غير منسية في هذا الوعد ونظائره، وهي مشيئته ولا يشاء الحكيم إلا ما اقتضته الحكمة، ونحوه: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾ (الطلاق، ٣)، وقد جاءت الشريطة منصوصة في قوله تعالى: ﴿وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم﴾ (التوبة، ٢٨)، ومن لم ينس هذه الشريطة لم ينتصب معترضاً بعزب كان غنياً فأفقره النكاح.
وبفاسق تاب واتقى الله وكان له شيء ففني وأصبح مسكيناً، وورد: «التمسوا الرزق بالنكاح»، وشكى إلى النبي ﷺ رجل الحاجة فقال: «عليك بالباءة» أي: النكاح، وعن عمر رضي الله عنه: عجبت لمن يبتغي الغنى بغير النكاح، والله تعالى يقول: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾، وحكي عنه أنه قال: عجبت لمن لم يطلب الغنى بالباءة، وقال طلحة بن مطرف: تزوجوا فإنه أوسع لكم في رزقكم وأوسع في أخلاقكم ويزيد الله في ثروتكم؛ قال الزمخشري: ولقد كان عندنا رجل رازح الحال ثم رأيته بعد سنين وقد انتعشت حاله وحسنت، فسألته فقال: كنت في أول أمري على ما علمت وذلك قبل أن أرزق ولداً، فلما رزقت بكر ولدي تراخيت عن الفقر فلما ولد لي الثاني ازددت خيراً فلما تتاموا ثلاثة صبَّ الله علي الخير، فأصبحت إلى ما ترى، انتهى. ﴿والله﴾ أي: الذي له الملك كله ﴿واسع﴾ أي: ذو سعة لخلقه لا تنفد نعمه إذ لا تنتهي قدرته ﴿عليم﴾ بهم يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. ولما ذكر تعالى تزويج الحرائر والإماء ذكر حال من يعجز عن ذلك بقوله:
(٦/١٢٨)


الصفحة التالية
Icon