﴿ألا إن لله ما في السموات والأرض﴾ خلقاً وملكاً وعبيداً، فإن قيل: ما فائدة ذكر عبيداً بعد ملكاً؟ أجيب: عنه إنما ذكر لئلا يتوهم أن ما لما لا يعقل فقط، ولما كانت أحوالهم من جملة ما هو له، وإنها بخلقه قال تعالى: ﴿قد يعلم ما أنتم﴾ أي: أيها المكلفون ﴿عليه﴾ أي: من الموافقة والمخالفة والإخلاص والنفاق، وإنما أكد علمه بقد لتأكيد الوعيد، وذلك أنَّ قد إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى ربما، فوافقت ربما في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قول بعضهم:
*فإن تمس مهجور الفناء فربما
... أقام به بعد الوفود وفود
ونحوه يقول زهير:
*أخي ثقة لا تهلك الخمر
... ماله ولكنه قد يهلك المال نائله
والمعنى: أن جميع ما في السموات والأرض مختص به تعالى فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين، وإن كانوا يجتهدون في سترها عن العيون وإخفائها؟ وقوله تعالى: ﴿ويوم﴾ أي: ويعلم يوم ﴿يرجعون إليه﴾ فيه التفات عن الخطاب أي: متى تكون، أو ويوم يرجع المنافقون إليه للجزاء ﴿فينبئهم﴾ أي: فتسبب عن ذلك أنه يخبرهم ﴿بما عملوا﴾ أي: من الخير والشر فيجازيهم عليه ﴿والله﴾ أي: الذي لا تخفى عليه خافية ﴿بكل شيء﴾ أي: من أعمالهم وغيرها ﴿عليم﴾ عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبويها قالت: قال رسول الله ﷺ «لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور» أخرجه أبو عبد الله في البيع في صحيحه، وأما قول البيضاوي: تبعاً للكشاف: «من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقي» فهو حديث موضوع.
سورة الفرقان
مكية
إلا قوله تعالى: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر﴾ إلى ﴿رحيماً﴾ فمدني، وآياتها سبع وسبعون آية، وثمانمائة واثنان وسبعون كلمة، وعدد حروفها ثلاثة آلاف وسبعمائة وثمانون حرفاً
﴿بسم الله﴾ الذي له الحجة البالغة ﴿الرحمن﴾ الذي عم الخلق بنعمه ﴿الرحيم﴾ الذي وسعت رحمته كل شيء.
(٦/١٨٨)