﴿إذا رأتهم من مكان بعيد﴾ وهو أقصى ما تمكن رؤيتها منه، وقال الكلبي والسدي: من مسيرة عام، وقيل: من مسيرة مائة سنة، روي أنه ﷺ قال: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً، قالوا: وهل لها من عينين؟ قال: نعم، ألم تسمع قوله تعالى: إذا رأتهم من مكان بعيد».
وقال البيضاوي: تبعاً للزمخشري: إذا كانت بمرأى منهم كقوله عليه الصلاة والسلام: لا «تراءي ناراهما» أي لا تتقاربان بحيث تكون إحداهما بمرأى من الأخرى على المجاز. انتهى، وهذا تأويل للمعتزلة بناء منهم على أن الرؤية مشروطة بالحياة بخلاف الأشاعرة فإنهم يجوزون رؤيتها حقيقة كتغيظها وزفيرها في قوله تعالى: ﴿سمعوا لها تغيظاً﴾ أي: غلياناً كالغضبان إذ غلى صدره من الغضب ﴿وزفيراً﴾ أي: صوتاً شديداً إذ لا امتناع من أنها تكون رائية مغتاظة زافرة، وأشار البيضاوي إلى ذلك بعد ما ذكر بقوله: هذا. وإن الحياة لما لم تكن مشروطة عندنا بالبينة أمكن أن يخلق الله فيها حياة فترى وتتغيظ وتزفر، وقال الجلال المحلي: وسماع التغيظ رؤيته وعلمه انتهى. قال عبد الله بن عمر: تزفر جهنم يوم القيامة زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر لوجهه، وقيل: إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غضباً عل الكفار للانتقام منهم، فنسب إليها على حذف مضاف.
(٦/٢٠٠)