تنبيه: من أولياء مفعول أول، ومن زائدة لتأكيد النفي، وما قبله المفعول الثاني، ولما تضمن كلامهم أنا لم نضللهم ولم نحملهم على الضلال حسن الاستدراك بقولهم: ﴿ولكن متعتهم وآباءهم﴾ وهو أن ذكروا سببه أي: أنعمت عليهم وعلى آبائهم من قبلهم بأنواع النعم والصحة وطول العمر في الدنيا، فجعلوا ذلك ذريعة إلى ضلالهم عكس القضية ﴿حتى نسوا الذكر﴾أي: تركوا الإيمان بالقرآن، وقيل: تركوا ذكرك وغفلوا عنه ﴿وكانوا﴾ أي: في علمك بما قضيت عليهم في الأزل ﴿قوماً بوراً﴾ أي: هلكى، وهو مصدر وصف به، ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع، أو جمع بائر كعائذ وعوذ، وقوله:
﴿فقد كذبوكم﴾ فيه التفات إلى العبدة بالاحتجاج والإلزام على حذف القول، والمعنى: فقد كذب المعبودون العابدين ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿تقولون﴾ أي: أيها العابدون من أنهم يستحقون العبادة، وأنهم يشفعون لكم وأنهم أضلوكم، ولما تسبب عن تخليهم عن عبدتهم أنه لا نفع في أيديهم ولا ضر قال تعالى: ﴿فما يستطيعون﴾ أي: المعبودون ﴿صرفاً﴾ أي: لشيء من الأشياء عن أحد من الناس لا أنتم ولا غيركم من عذاب ولا غيره بوجه حيلة ولا شفاعة ولا معاداة ﴿ولا نصراً﴾ أي: منعاً لكم من الله تعالى إن أراد بكم سوءاً، وهذا نحو قوله تعالى: ﴿لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا﴾ (الإسراء، ٥٦)، وقرأ حفص بالتاء على الخطاب، والباقون بالياء على الغيبة ﴿ومن يظلم﴾ أي: بالشرك ﴿منكم﴾ أي: أيها المكلفون ﴿نذقه﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿عذاباً كبيراً﴾ أي: شديداً في الدنيا بالقتل أو الأسر أو ضرب الجزية، وفي الآخرة بنار جهنم، روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: لما عير المشركون رسول الله ﷺ بقولهم: ﴿ما لهذا الرسول﴾ إلى آخرها أنزل الله تعالى:
(٦/٢٠٨)