﴿وقال الذين لا يرجون لقاءنا﴾ أي: لا يخافون البعث، قال الفراء: الرجاء بمعنى الخوف لغة تهامة، ومنه قوله تعالى: ﴿ما لكم لا ترجون لله وقاراً﴾ (نوح، ١٣)
أي: لا تخافون لله عظمة ﴿لولا﴾ أي: هلا ولم لا ﴿أنزل﴾ أي: على أي وجه كان من أي منزل كان ﴿علينا الملائكة﴾ كما نزلت عليه فيما يزعم وكانوا رسلاً إلينا، أو فتخبرنا بصدقه ﴿أو نرى ربنا﴾ بما له علينا من الإحسان، وبما لنا نحن من العظمة بالقوة بالأموال وغيرها، فيأمرنا بما يريد من غير حاجة إلى واسطة؛ قال الله ردّاً عليهم: ﴿لقد استكبروا﴾ أي: تعظموا ﴿في﴾ شأن ﴿أنفسهم﴾ أي: أظهروا الاستكبار عن الحق، وهو الكفر والعناد في قلوبهم واعتقدوه كما قال تعالى: ﴿إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه﴾ (غافر، ٥٦)
(٦/٢١١)
﴿وعتوا﴾ أي: تجاوزوا الحد في الظلم ﴿عتواً كبيراً﴾ أي: بالغاً أقصى مراتبه حيث عاينوا المعجزات الظاهرة، فأعرضوا عنها واقترحوا لأنفسهم الخبيثة ما سدت دونه مطامح النفوس القدسية، واللام جواب قسم محذوف، وفي فحوى هذا الفعل دليل على التعجب من غير لفظ تعجب، ألا ترى أن المعنى ما أشد استكبارهم وما أكبر عتوهم؟ ثم بين تعالى لهم حالهم عند بعض ما طلبوا بقوله تعالى:
﴿يوم يرون الملائكة﴾ أي: يوم القيامة، وقال ابن عباس: عند الموت ﴿لا بشرى﴾ أي: من البشر أصلاً ﴿يومئذٍ﴾ وقوله تعالى: ﴿للمجرمين﴾ أي: الكافرين إما ظاهر في موضع ضمير، وإما؛ لأنه عام فقد تناولهم بعمومه بخلاف المؤمنين فلهم البشرى بالجنة.
(٦/٢١٢)


الصفحة التالية
Icon