(٦/٢٢٨)
﴿ولقد أتوا﴾ أي: هؤلاء المكذبون من قومك ﴿على القرية التي أمطرت﴾ أي: وقع إمطارها ممن لا يقدر على الإمطار سواه بالحجارة ولذا قال تعالى: ﴿مطر السوء﴾ مصدر ساء وهي قرى قوم لوط، قال البغوي: كانت خمس قرى، فأهلك الله تعالى أربعاً منها لعملهم الفاحشة، وبختنصر واحدة منهم وهي صغر وكان أهلها لا يعملون العمل الخبيث فإن قيل: لم عبر تعالى بالقرية وهي قرى؟ أجيب: بأنه تعالى قال ذلك تحقيراً لشأنها في جنب قدرته تعالى وإهانة لمن يريد عذابه. ولانهماكهم على الفاحشة جميعهم حتى كانوا كأنهم شيء واحد وقوله تعالى:﴿أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون﴾ أي: لا يخافون ﴿نشوراً﴾ أي: بعثاً بعد الموت؛ لأنه استقر في أنفسهم اعتقادهم التكذيب بالآخرة واستمروا عليه قرناً بعد قرن حتى تمكن منهم ذلك تمكيناً لا ينفع معه الاعتبار إلا من شاء الله.
﴿وإذا رأوك﴾ أي: مع ما يعلمون من صدق حديثك وكرم أفعالك ولو لم تأتهم بمعجزة فكيف وقد أتيتهم بما بهر العقول ﴿إن﴾ أي: ما ﴿يتخذونك إلا هزواً﴾ أي: مهزوء بك وعبر تعالى بالمصدر إشارة إلى مبالغتهم في الاستهزاء مع شدة بعده ﷺ عن ذلك يقولون: ﴿أهذا الذي بعث الله رسولاً﴾ أي: في دعواه محتقرين له أن تأتيه الرسالة، وقولهم.