﴿وهو﴾ أي: وحده ﴿الذي أرسل الرياح﴾ وقرأه ابن كثير بالإفراد لإرادة الجنس وقرأه الباقون بالجمع لكونها تارة صبا وتارة دبوراً وتارة شمالاً وتارة جنوباً وغير ذلك، ويسن الدعاء عند هبوب الريح ويكره سبها لخبر «الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها» رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن، وقوله تعالى: ﴿نشراً﴾ قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو بضم النون والشين أي: ناشرات للسحاب، وقرأه ابن عامر بضم النون وسكون الشين على التخفيف، وقرأه عاصم بالباءالموحدة مضمومة وسكون الشين جمع بشور بمعنى مبشر، وقرأه حمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين على أنه مصدر وصف به ﴿بين يدي رحمته﴾ أي: قدام المطر، ولما كان الماء مسبباً عما تحمله الريح من السحاب أتبعه به بقوله تعالى: ﴿وأنزلنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿من السماء﴾ أي: من السحاب أو الجرم المعهود ﴿ماء﴾ ثم أبدل منه بياناً للنعمة به، فقال تعالى: ﴿طهوراً﴾ أي: طاهراً في نفسه مطهراً لغيره كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿ليطهركم به﴾، فهو اسم لما يتطهر به كالوضوء لما يتوضأ به، وكالسحور اسم لما يتسحر به والفطور اسم لما يفطر به. قال ﷺ في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» أراد به المطهر فالماء المطهر؛ لأنه يطهر الإنسان من الحدث والخبث.
(٦/٢٣٤)