﴿وتوكل﴾ أي: أظهر العجز والضعف واستسلم واعتمد في أمرك كله، ولا سيما في مواجهتهم بالإنذار، وفي ردهم من عنادهم ﴿على الحي الذي لا يموت﴾ فلا ضياع لمن توكل عليه، فإنه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الأحياء الذين يموتون، فإنهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم، وعن بعض السلف أنه قرأها فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق ﴿وسبح﴾ متلبساً ﴿بحمده﴾ أي: نزهه عن كل نقص مثبتاً له كل كمال، وقيل: صلِّ له شكراً على نعمه، وقيل: قل سبحان الله والحمد لله وحده وعلى هذا اقتصر الجلال المحلى ﴿وكفى به بذنوب عباده﴾ أي: ما ظهر منها وما بطن وكل ما سواه عبد ﴿خبيراً﴾ أي: عالماً مطلقاً فلا يخفى عليه خافية شيء منها، وإن دق فلا عليك إن آمنوا أو كفروا، وهذه الكلمة يراد بها المبالغة يقال: كفى بالعلم كمالاً وكفى بالأدب مالاً وهو معنى حسبك أي: لا تحتاج معه إلى غيره، لأنه تعالى خبير بأحوالهم قادر على مكافأتهم، وهذا وعيد شديد، ولما أمر الله تعالى رسوله محمد ﷺ أن يتوكل عليه وصف تعالى نفسه بأمور منها أنه حي لا يموت، ومنها أنه عالم بجميع المعلومات، ومنها أنه قادر على كل الممكنات، وهو قوله تعالى:
(٦/٢٤٤)


الصفحة التالية
Icon