وقال الماتريدي: هو من جنس الحروف والأصوات، وأما المعتزلة: فقد اتفقوا على أن ذلك النداء كان بحروف وأصوات علم به موسى من قبل الله تعالى فصار معجزاً علم به موسى أن الله تعالى مخاطباً له فلم يحتج مع ذلك لواسطة، ثم ذكر تعالى ما له النداء بقوله تعالى: ﴿أن﴾ أي: بأن ﴿أئت القوم﴾ أي: الذين فيهم قوة وأيًّ قوة ﴿الظالمين﴾ رسولاً، ووصفهم بالظلم لكفرهم، واستبعادهم بني إسرائيل وذبح أولادهم وقوله تعالى:
﴿قوم فرعون﴾ أي: معه بدل أو عطف بيان للقوم الظالمين، وقوله تعالى: ﴿ألا يتقون﴾ استئناف أتبعه إرساله إليهم للإنذار تعجباً من إفراطهم في الظلم واجترائهم عليه ولما كان من المعلوم أن من أتى الناس بما يخالف أهواءهم لم يقبل.
﴿قال رب﴾ أي: أيها الرفيق بي ﴿إني أخاف أن يكذبون﴾ أي: فلا يترتب على إتياني إليهم أثر فاجعل لي قبولاً ومهابة تحرسني بها ممن يريدني بسوء، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء، والباقون بالسكون.
﴿ويضيق صدري﴾ من تكذيبهم لي ﴿ولا ينطلق لساني﴾ بأداء الرسالة للعقدة التي فيه بواسطة تلك الجمرة التي لذعته في الطفولية ﴿فأرسل﴾ أي: فتسبب عن ذلك الذي اعتذرت به عن المبادرة إلى الذهاب عند الأمر طلب الإرسال ﴿إلى هارون﴾ أخي ليكون لي عضداً على ما أمضي له من الرسالة، فيحتمل أن تكون تلك العقدة باقية عند الرسالة، وأن تكون قد زالت عند الدعوة، ولكن لا يكون مع حل العقدة من لسانه من الفصحاء المصاقع الذين أوتوا سلاطة الألسنة وبسطة المقال، وهارون كان بتلك الصفة فأراد أن يقرن به، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وأخي هارون هو أفصح مني لساناً﴾ (القصص: ٣٤)
(٧/٧)