تنبيه: ﴿فاذهبا﴾ عطف على ما دلّ عليه حرف الردع من الفعل كأنه قيل: ارتدع عما تظن فاذهب أنت وأخوك بآياتنا ﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿معكم مستمعون﴾ أي: سامعون لأنه تعالى لا يوصف بالمستمع على الحقيقة لأنّ الاستماع جار مجرى الإصغاء والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية، ومنه قوله تعالى: ﴿قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجباً﴾ (الجن، ١)
ويقال استمع إلى حديثه وسمع حديثه: أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صبّ في أذنيه البرم» وهو الكحل المذاب ويروى: البيرم وهو بزيادة الياء، فإن قيل: لم قال معكم بلفظ الجمع وهما اثنان؟ أجيب: بأنه تعالى أجراهما مجرى الجمع تعظيماً لهما، أو معكما ومع بني إسرائيل يسمع ما يجيبكم فروعون.
﴿فأتيا﴾ أي: فتسبب عن ذهاب ما ذكرت بالحراسة والحفظة أني أقول لكما ائتيا ﴿فرعون﴾ نفسه وإن عظمت مملكته وجلت جنوده ﴿فقولا﴾ أي: ساعة وصولكما له ولمن عنده ﴿إنا رسول رب العالمين﴾ أي: المحسن إلى جميع الخلق المدبر لهم مصالحهم، فإن قيل: هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله تعالى: ﴿إنا رسولا ربك﴾؟ (طه، ٤٧) أجيب: بأن الرسول يكون بمعنى المرسل فلم يكن بد من تثنيته، وأما ههنا فهو إما لأنه مصدر بمعنى الرسالة والمصدر يوحد ومن مجيء رسول بمعنى الرسالة قوله:

*لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بسرّ ولا أرسلتهم برسول*
(٧/٩)


الصفحة التالية
Icon