وهو الذي ذكره موسى ج بقوله: ﴿رب المشرق والمغرب﴾ وأما قوله: ﴿إن كنتم تعقلون﴾ فكأنه ج قال إن كنت من العقلاء عرفت أنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرت لك، لأنك طلبت مني تعريف حقيقته ولا يمكن تعريف حقيقته بنفس حقيقته ولا بأجزاء حقيقته، فلم يبق إلا أن أعرف حقيقته بآثار حقيقته، وقد عرفت حقيقته بآثار حقيقته فمن كان عاقلاً يقطع بأنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرته لك، فلما انقطع فرعون عن الجواب ولزمته الحجة تكبر عن الحق وعدل إلى التخويف بأن.
﴿قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين﴾ أي: واحداً ممن هم في سجني على ما تعلم من حالي في اقتداري ومن سجوني وفظاعتها، ومن حال من فيها من شدّة الحصر والغلظ في الحجر. قال الكلبي: كان سجنه أشدّ من القتل لأنه كان يأخذ الرجل فيطرحه في هوّة ذاهبة في الأرض بعيدة العمق وحده لا يسمع ولا يبصر فيها شيئاً، وقرأ ابن كثير وحفص وعاصم بإظهار الذال عند التاء، والباقون بالإدغام، ثم ذكر موسى ج كلاماً مجملاً ليعلق فرعون قلبه به فيعدل عن وعيده، بأن.
﴿قال﴾ مدافعاً بالتي هي أحسن إرخاء للعنان لإزادة البيان معنىً لا يبقى معه عذر ولا نسيان، لأنّ من العادة الجارية السكون إلى الإنصاف والرجوع إلى الحق والاعتراف ﴿أولو﴾ أي: أتسجنني ولو ﴿جئتك بشيءٍ مبين﴾ أي: هل يحسن أن يذكر هذا مع اقتداري على أن آتيك بشيء بدليلين يدلان على وجود الله تعالى وعلى أني رسوله فعند ذلك.
﴿قال﴾ طمعاً في أن يجد موضعاً للتكذيب أو التلبيس ﴿فأت به﴾ أي: تسبب عن قولك هذا أني أقول ائت بذلك الشيء ﴿إن كنت من الصادقين﴾ أي: فيما ادعيت من الرسالة.
(٧/١٦)