﴿رب موسى وهارون﴾ عطف بيان لرب العالمين، لأنّ فرعون كان يدعي الربوبية وأرادوا أن يعذلوه، ومعنى إضافته إليهما في ذلك المقام أنه الذي دعا إليه موسى وهارون عليهما السلام، ولما آمن السحرة بأجمعهم لم يأمن فرعون أن يقول قومه أنّ هؤلاء السحرة على كثرتهم وبصيرتهم لم يؤمنوا إلا عن معرفة بصحة أمر موسى عليه السلام فيسلكون طريقهم، فلبس على القوم وبالغ في التنفير عن موسى من وجوه: أحدها: أن.
﴿قال آمنتم له﴾ أي: لموسى ﴿قبل أن آذن﴾ أي: أنا ﴿لكم﴾ فمسارعتكم إلى الإيمان به دالة على ميلكم إليه.
تنبيه: ههنا همزتان مفتوحتان، قرأ الجميع بإبدال الثانية ألفاً، وحقق الثانية حمزة والكسائي وشعبة، وسهلها الباقون غير حفص فإنه أسقط الأولى والثانية عنده هي المبدوء بها.
ثانيها: قوله ﴿إنه لكبيركم الذي علمكم السحر﴾ وهذا تصريح بما رمز به أولاً وتعريض منه بأنهم فعلوا ذلك عن مواطأة بينهم وبين موسى وقصروا في السحر ليظهروا أمر موسى وإلا ففي قوة السحر أن تفعلوا مثل ما يفعل.
(٧/٢٣)
ثالثها: قوله ﴿فلسوف تعلمون﴾ وهو وعيد وتهديد شديد، رابعها: قوله:
﴿لأقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف﴾ أي: يد كل واحد اليمنى ورجله اليسرى ﴿ولأصلبنكم أجمعين﴾ وهذا الوعيد من أعظم الإهلاكات، ثم إنهم أجابوا عن هذه الكلمات من وجهين: الأول: قولهم:
﴿قالوا لا ضير﴾ أي: لا ضرر علينا وخبر لا محذوف تقديره في ذلك ﴿إنا﴾ أي: بفعلك ذلك فينا إن قدّرك الله تعالى عليه ﴿إلى ربنا﴾ الذي أحسن إلينا بالهداية بعد موتنا بأي وجه كان ﴿منقلبون﴾ أي: راجعون في الآخرة، الثاني: قولهم:


الصفحة التالية
Icon