﴿فأوحينا﴾ أي: فتسبب عن كلامه الدال على المراقبة أنا أوحينا ونوّه باسم الكليم جزاء له على ثقته به سبحانه وتعالى، فقال تعالى: ﴿إلى موسى﴾ وفسر الوحي الذي فيه معنى القول بقوله تعالى: ﴿أن اضرب بعصاك البحر﴾ أي: الذي أمامكم وهو بحر القلزم الذي يتوصل أهل مصر منه إلى الطور وإلى مكة المشرّفة وما والاها، وقيل: النيل، فضربه ﴿فانفلق﴾ بسبب ضربه لما ضربه امتثالاً لأمر ربه وصار اثني عشر فرقاً على عدد أسباطهم ﴿فكان كل فرق﴾ أي: جزء وقسم عظيم منه ﴿كالطود﴾ أي: الجبل في إشرافه وطوله وصلابته بعدم السيلان ﴿العظيم﴾ المتطاول في السماء الثابت في قعره لا يتزلزل لأنّ الماء كان منبسطاً في أرض البحر فلما انفلق وانكشف فيه الطريق انضم بعضه إلى بعض فاستطال وارتفع في السماء بين تلك الأجزاء مسالك سلكوها لم يبتل منها سرج الراكب.
قال الزجاج: لما انتهى موسى إلى البحر هاجت الريح والبحر يرمي بموج كالجبال، فقال يوشع: يا كليم الله يا ابن امرأة عمران قد غشينا فرعون والبحر أمامنا، فقال موسى: ههنا فخاض يوشع الماء وجاز البحر ما يواري حافر دابته الماء، وقال الذي يكتم إيمانه يا كليم الله أين أمرت قال ههنا، فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقيه، ثم أقحمه البحر فارتسب في الماء، وصنع القوم مثل ذلك فلم يقدروا فجعل موسى لا يدري كيف يصنع، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضربه، فانفلق فصار فيه اثنا عشر طريقاً لكل سبط طريق فإنّ الرجل على فرسه لم يبتلّ سرجه ولا لبده.
(٧/٣٠)


الصفحة التالية
Icon