﴿واتل﴾ أي: اقرأ قراءة متتابعة يا أشرف الخلق ﴿عليهم﴾ أي: كفار مكة وقوله تعالى: ﴿نبأ﴾ أي: خبر ﴿إبراهيم﴾ قراءة نافع وابن كثر وأبو عمرو في الوصل بتسهيل الهمزة الثانية، وحققها الباقون، وفي الابتداء بالثانية الجميع يحققون ويبدل منه.
﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قال لأبيه وقومه﴾ منبهاً لهم على ضلالهم لا مستعلماً لأنه كان عالماً بحقيقة حالهم ولكنه سألهم بقوله: ﴿ما﴾ أي: أي شيء ﴿تعبدون﴾ أي: تواطئون على عبادته ليريهم أن ما يعبدونه ليس من استحقاق العبادة في شيء كما تقول للتاجر ما مالك وأنت تعلم أن ماله الرقيق، ثم تقول الرقيق جمال وليس بمال.
﴿قالوا﴾ في جوابه ﴿نعبد أصناماً﴾، فإن قيل: قوله عليه السلام ما تبعدون سؤال عن المعبود فحسب، فكان القياس أن يقولوا أصناماً كقوله تعالى: ﴿ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو﴾ (البقرة: ٢١٩)
وكذا قوله تعالى: ﴿ماذا قال ربكم قالوا الحق﴾ (سبأ: ٢٣)
وكقوله تعالى: ﴿ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً﴾؟ (النحل: ٣٠)
أجيب: بأنّ هؤلاء قد أجابوا بقصة أمرهم كاملة كالمبتهجين بها والمفتخرين فاشتملت على جواب إبراهيم عليه السلام وعلى ما قصدوه من إظهار ما في نفوسهم من الابتهاج والافتخار، ألا تراهم كيف عطفوا على قولهم: نعبد ﴿فنظل لها عاكفين﴾ ولم يقتصروا على زيادة نعبد وحده، ومثاله أن تقول لبعض الشطار ما تلبس في بلادك فيقول: ألبس البرد إلا تحمى فأجر ذيله بين جواري الحيّ، وإنما قالوا نظل لأنهم كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل، يقال ظلّ يفعل كذا إذا فعل بالنهار، والعكوف: الإقامة على الشيء، ثم إن إبراهيم عليه السلام.
(٧/٣٣)


الصفحة التالية
Icon